الرئيسيةآخر الأخبارقابس والتلوث الصناعي: تقرير أوروبي بطلب من الحكومة جاهز منذ 7 سنوات...

قابس والتلوث الصناعي: تقرير أوروبي بطلب من الحكومة جاهز منذ 7 سنوات بلا متابعة – التقرير –

أنجز الاتحاد الأوروبي، ضمن العقد الإطاري EuropeAid/132633/C/SER/Multi، البند 6: البيئة، دراسة شاملة بعنوان “دراسة تأثير التلوث الصناعي على اقتصاد منطقة قابس – التقرير النهائي” (رقم الطلبية 2016/372829/1)، ونُشر في 30 مارس 2018. التقرير الذي يمتد على 172 صفحة يهدف إلى تقييم التأثير الاقتصادي والبيئي والصحي للتلوث الصناعي في ولاية قابس، ويقدم سيناريوهات مستقبلية وتوصيات عملية لدعم التنمية المستدامة بالمنطقة.

1. أهداف الدراسة وأهميتها

تقييم الأثر الاقتصادي للتلوث الصناعي يعتبر مهمة معقدة، حيث يعتمد على توفر بيانات دقيقة وموثوقة عن البيئة والأنشطة الاقتصادية. ومن هنا، اعتمد فريق الدراسة على أحدث الدراسات العلمية وأكثرها مصداقية، لإعداد تحليل موثوق وشامل لتأثيرات التلوث الصناعي على ولاية قابس، من حيث الإنتاجية الاقتصادية، جودة الحياة، والصحة العامة.

2. مصادر التلوث الرئيسية في قابس

حددت الدراسة مصادر التلوث الأساسية وتأثيراتها على مختلف القطاعات:

  • تلوث الهواء: المصدر الأكبر هو وحدات المجمع الكيميائي التونسي (GCT)، والتي تساهم بأكثر من 95% من التلوث الجوي. هذا التلوث يؤثر على الزراعة، السياحة، والصحة البشرية، ويزيد من معدلات الأمراض التنفسية.
  • الفوسفوجيبس في البحر: يساهم بشكل رئيسي في تلوث البيئة البحرية، ويؤثر سلبًا على قطاع الصيد البحري والسياحة الساحلية.

3. العوامل المساندة لتدهور الإنتاجية

أشارت الدراسة إلى أن انخفاض الإنتاجية الاقتصادية لا يعود للتلوث الصناعي وحده، بل يشمل عوامل متعددة منها:

  • التحضر السريع والبنية التحتية غير المستدامة.
  • الملكية العقارية والهياكل الفلاحية غير الملائمة.
  • الممارسات الزراعية والصيد غير المستدامة.
  • تأثير التغير المناخي والغزو البيولوجي البحري.

ولتحديد تأثير التلوث بشكل دقيق، تمت مقارنة قابس مع مناطق مجاورة مثل جربة وزرزيس، وهو ما سمح بعزل تأثير التلوث عن باقي العوامل.

4. التأثيرات القطاعية للتلوث

الزراعة والصيد البحري:

أدت الانبعاثات الصناعية وتلوث البحر إلى انخفاض ملحوظ في الإنتاجية الزراعية والسمكية، ما أثر على دخل الفلاحين والصيادين بشكل مباشر.

السياحة:

لوحظ تراجع معدلات الإشغال الفندقي في قابس مقارنة بالمناطق السياحية الأخرى والمتوسط الوطني، بسبب تدهور جودة البيئة والشواطئ.

الصحة البشرية:

تأثرت صحة السكان، خاصة الذين يتعرضون لمستويات مرتفعة من الجسيمات الدقيقة PM2.5، مما أدى إلى ارتفاع معدلات المراضة والوفيات.

5. تقدير تكلفة تدهور البيئة

حسب الدراسة، بلغ التكلفة السنوية لتدهور البيئة في 2015 نحو 76 مليون دينار تونسي، أي حوالي 200 دينار لكل فرد في ولاية قابس. وتمثل هذه التكاليف 27% من القيمة المضافة لجميع وحدات إنتاج GCT. وتوزعت على القطاعات كالآتي:

  • الصيد البحري: 47%
  • السياحة: 33%
  • الصحة: 13%
  • الزراعة: 7%

6. السيناريوهات المستقبلية حتى 2030

اعتمد التقرير على سيناريوهين رئيسيين لتوقع المستقبل:

  1. الاستمرار في الوضع الحالي (العمل كالمعتاد): استمرار التلوث وانعكاساته السلبية على الاقتصاد والصحة.
  2. سيناريو التغيير الجذري: استنادًا إلى قرار الحكومة في 29 يونيو 2017 بنقل الوحدات الصناعية الملوثة بعيدًا عن الشاطئ وإعادة تأهيل المواقع الحالية.

وتشير التقديرات إلى أن تطبيق سيناريو النقل وإعادة التأهيل قد يوفر نحو 1000 مليون دينار تونسي من تكاليف تدهور البيئة خلال الفترة 2016-2030، ويتيح بيئة أنظف وتحسنًا كبيرًا في الإنتاجية الاقتصادية والصحة العامة.

7. توصيات الدراسة

قدمت الدراسة مجموعة توصيات عملية لتحقيق التنمية المستدامة في قابس:

  1. تجميع وتنظيم قاعدة البيانات البيئية والاقتصادية لجميع الدراسات السابقة، وإدارتها من قبل جهة عامة مسؤولة مثل المرصد الوطني للبيئة.
  2. تحديث الدراسات حول تأثير التلوث على الزراعة بعد الإجراءات التي اتخذها GCT لتقليل الانبعاثات.
  3. تطوير قاعدة بيانات صحية حول تأثير التلوث الصناعي على السكان، مع ضمان توافرها للباحثين وصناع القرار.
  4. تعزيز البيانات المائية حول الموارد واستغلال المياه الجوفية من قبل الجهات المختصة.
  5. مراعاة تأثير الصناعات الأخرى عند تنفيذ برامج إقليمية للتنظيف البيئي.
  6. إجراء دراسة حول نوايا الاستثمار لفهم مدى تأثير البيئة في قرارات الاستثمار بالمنطقة.
  7. تنفيذ سيناريو النقل كنقلة نوعية: يشمل النقل، إعادة تأهيل المواقع الملوثة، برامج تنظيف شامل، تحسين الممارسات الزراعية والصيد، والتزام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية.
  8. تضمين تعويضات بيئية واجتماعية في ميزانية التنفيذ، والاستفادة من تجارب دولية مثل تجربة Mkhachrma.
  9. فتح نقاش عام حول مستقبل قابس حتى 2050، للاستفادة من الهياكل والديناميات التي تم إنشاؤها ضمن برنامج التنمية الإقليمية PGE لتعزيز التنمية المستدامة.

تؤكد الدراسة أن التلوث الصناعي في قابس يشكل تهديدًا كبيرًا للاقتصاد والصحة العامة والبيئة، وأن تنفيذ سيناريو النقل وإعادة التأهيل يمثل فرصة حقيقية لتحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة. كما تدعو الدراسة إلى تعاون شامل بين الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني لضمان مستقبل بيئي واقتصادي أفضل للولاية، مع التركيز على الحفاظ على صحة السكان وتعزيز الإنتاجية الاقتصادية في جميع القطاعات المتأثرة.

وفي ما يلي النص الحرفي للتقرير

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!