أكد المستشار في التنمية، حسين الرحيلي، اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025، أنّ نتائج مشروع الشركات الأهلية لا تتناسب مع حجم الدعم المالي واللوجستي والعقاري الذي وفرته الدولة منذ إطلاقه قبل أكثر من ثلاث سنوات ونصف.
وأوضح الرحيلي، خلال مداخلته في برنامج “إيكو ماغ”، أنّه لم يتم تأسيس سوى 250 شركة أهلية فقط، من بينها 55 دخلت طور النشاط الفعلي، رغم تعبئة كل أجهزة الدولة، مضيفاً أنّ عدد مواطن الشغل المحدثة “قليل جداً”، قائلاً: “رياض الأطفال تخلق فرص عمل أكثر ولها قيمة مضافة أعلى.”
وأشار الرحيلي إلى أنّ النموذج الاقتصادي المعتمد لإنشاء الشركات الأهلية “فشل في فرض نفسه”، لأنه لا يتلاءم مع خصوصية الاقتصاد التونسي، متسائلاً عن القيمة المضافة الحقيقية التي قدمتها هذه الشركات بعد كل الامتيازات الممنوحة لها. وأضاف: “لو تم توجيه نفس الامتيازات للفلاحين، لكنا حققنا الاكتفاء الذاتي في ظرف أربع سنوات.”
وانتقد الرحيلي ما وصفه بـ**“المنافسة غير المتكافئة”** بين الشركات الأهلية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، التي تمثل نحو 85 بالمائة من النسيج الاقتصادي الوطني، معتبراً أن أداء الأولى “ضعيف وشبه منعدم” مقارنة بها.
وفي تعليقه على قرار تمكين الشركات الأهلية من كراء عقارات من الملك البلدي الخاص بالمراكنة، حذّر الرحيلي من أن هذا الإجراء “مدخل للفساد وانحياز واضح لهذه الشركات”، لما قد يتيحه من فرص للمحاباة واستغلال النفوذ.
كما أعرب عن رفضه لقرار تحمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جزءاً من نفقات القروض المسندة لهذه الشركات، قائلاً: “أموال الصناديق الاجتماعية ملك للعمال والأعراف، ولا يجوز توجيهها لتمويل مشاريع من هذا النوع.”
يُذكر أنّ العدد 132 من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر الأسبوع الماضي، تضمن أربع قرارات تخص الشركات الأهلية، من بينها قرار من وزيرة المالية يضبط صيغ تكفل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالتمويلات، وقرار من وزير الداخلية يحدد شروط وإجراءات كراء العقارات البلدية بالمراكنة لفائدتها.
وحول قرار البنك المركزي التونسي بتحديد نسبة فائدة تفاضلية استثنائية للشركات الأهلية، اعتبر الرحيلي أن هذا الإجراء “قد يفتح الباب أمام استغلال الامتيازات لتحقيق مصالح خاصة، بعيداً عن الأهداف الاقتصادية الوطنية”.
وختم الرحيلي بالتحذير من أن “الإغراق في الامتيازات الجبائية والمالية والعقارية لفائدة الشركات الأهلية” قد يؤدي إلى تبييض أموال أو تفليس ممنهج، قائلاً: “بعد عشر سنوات قد نرى هذه الشركات تعلن إفلاسها وتعود بأسماء جديدة.”
وأضاف في ختام مداخلته: “كنت أتمنى أن يصدر مرسوم لإلغاء هذه الشركات بعد ثلاث سنوات ونصف من الفشل، لا مرسوماً يمنحها امتيازات إضافية وكأنها تضاهي الذكاء الاصطناعي.”

