الرئيسيةآخر الأخباربحيرة غار الملح بين المجد البيئي والخطر الصامت: تسرّب المياه العادمة يهدد...

بحيرة غار الملح بين المجد البيئي والخطر الصامت: تسرّب المياه العادمة يهدد كنزًا إيكولوجيًا عالميا- فيديو –

على بعد مئات الأمتار من مدخل مدينة غار الملح، وقبالة قصر قديم يتداعى للسقوط، تمتدّ بحيرة غار الملح الشهيرة، التي لطالما اعتُبرت رئة بيئية لولاية بنزرت ومعلَمًا طبيعيًا فريدًا في تونس.

غير أن الزائر اليوم، وفي عزّ حرارة الصيف، يُفاجأ بروائح كريهة تنبعث من جنبات الطريق، تُفسد متعة الاستمتاع بنسيم عليل ومشهد طبيعي خلاب.

هذه الروائح، كما تبيّن، تعود إلى تسرّب كميات كبيرة من المياه المستعملة، يُرجّح أنها صادرة عن إحدى منشآت الديوان الوطني للتطهير. هذه المياه العفنة لا تفسد فقط المشهد العام، بل تهدد الحياة البحرية في قاع البحيرة، وتنذر بكارثة بيئية صامتة، قد تمتد إلى المزارع الصغيرة المجاورة، إذا لم يتم التدخل العاجل لإصلاح الخلل.


مع العلم وان موقع تونيزي تيليغراف اتصل قبل نحو أسبوعين بأحد المسؤولين الجهويين للديوان الوطني للتطهير، وعرَض عليه الأمر مرفوقًا بالصور غير أن الوضع ما زال على حاله إلى اليوم، في ظل غياب أي تدخل ميداني ملموس يُوقف هذا التدهور البيئي المتفاقم.


المفارقة الكبرى أن هذه البحيرة ليست مجرّد موقع محلي، بل تم الاعتراف بها دوليًا نظرًا لأهميتها البيئية. فقد تم تصنيف بحيرة غار الملح أول موقع “إيكوهيدرولوجي” ساحلي لليونسكو في إفريقيا ومنطقة المتوسط، ضمن الشبكة العالمية لليونسكو للمياه والبيئة. هذا التصنيف المرموق، بحسب الباحثة علا العمروني من المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار، يمكّن المرصد البيئي في البحيرة من الحصول على تمويلات ودعم فني لدراسة هشاشة النظام الإيكولوجي الساحلي وحمايته.


تحتضن البحيرة مرصدًا علميًا بيئيًا تم إنشاؤه بالشراكة بين المعهد التونسي لعلوم وتكنولوجيا البحار ومعهد البحوث من أجل التنمية، ويضمّ خبراء من تونس وفرنسا ودول المغرب العربي، ويهدف إلى إدارة متكاملة للبحيرات والمناطق الساحلية في إفريقيا والمتوسط.


يُذكر أن غار الملح حصلت سنة 2018 على جائزة “مدينة الأراضي الرطبة” من اتفاقية رامسار، لتكون أول مدينة عربية وإفريقية تُتوَّج بهذا التميّز. لكن وضعها البيئي اليوم بات مهددًا أمام غياب التدخلات السريعة، مما يضع هذا التراث الطبيعي والاعتراف الدولي على المحك


اذا المطلوب اليوم ليس فقط إصلاح خلل تقني، بل حماية كنز بيئي عالمي من التدهور، قبل أن تتحوّل الكلفة البيئية والمالية إلى عبء يصعب تداركه.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!