نشرت صحيفة هسبريس المغربية مقالًا تناول صفقة اقتناء تونس لـ12 مروحية من طراز “SUBARU Bell 412EPX” ضمن فعاليات معرض باريس للطيران 2025، حيث قدّمت الصفقة في سياق يفتقر إلى التوازن والموضوعية، محمّلةً الخطوة التونسية بتأويلات سياسية وتحالفية غير قائمة على معطيات واقعية أو أمنية دقيقة.
في البداية، من المهم التأكيد أن هذه الصفقة تأتي في إطار تجديد ضروري وملحّ لأسطول الطيران التونسي المتقادم، وليست دخولًا في “سباق تسلح” كما أوحى المقال. فالقوات الجوية التونسية تحتاج الى تجديد من عتادها الجوي، ما جعله خيارا مسألة مهنية وفنية بحتة، لا سياسية ولا استعراضية.
ومن جانب آخر، فإن الادعاء بوجود “تحالفات مغاربية مغلقة” أو أن “الجزائر قد تكون موّلت الصفقة”، يفتقر لأي دليل رسمي أو مصدر موثوق. مثل هذه الفرضيات تبقى في خانة التحليل السياسي الانطباعي، خاصة وأن العقود العسكرية الدولية تمر عبر مسارات شفافة تخضع لرقابة داخلية ودولية.
بل إن المعطيات المتوفرة تُشير إلى وجود تسهيلات مالية وتقنية من شركاء دوليين مثل الولايات المتحدة واليابان، سواء في إطار التعاون العسكري أو عبر آليات التمويل الميسّر. كما توجد لدينا معطيات أولية – لم يتم تأكيدها رسميًا بعد – عن إمكانية تصنيع أجزاء من هذه المروحيات أو قطع غيارها في تونس، وهو ما يعكس بعدًا تنمويًا وليس فقط أمنيًا للصفقة.
أما من ناحية الكلفة، فلا خلاف أن تونس تمر بظروف اقتصادية صعبة، إلا أن الدول لا توقف التزاماتها الأمنية بسبب الأزمات، بل تُعيد ترتيب أولوياتها لتأمين الحد الأدنى من الجاهزية، خصوصًا أن البلاد تجاور منطقة غير مستقرة مثل ليبيا، وتواجه تحديات أمنية عابرة للحدود.
والملاحظ في المقال أنه حاول إقحام المغرب والجزائر في كل خطوة تونسية، وهو أمر يفتقر إلى الموضوعية. تونس دولة ذات سيادة، وتتحرك وفق مصالحها الأمنية، وليس في إطار توازنات مغاربية مفترضة أو تحالفات خفية.
في الختام، يبقى التعامل الإعلامي الجاد مع قضايا الدفاع والأمن مطلبًا ملحًّا، خاصة حين يتعلق الأمر بدول شقيقة. فالمهنية تقتضي التحقق قبل التحليل، والتفسير وفق الوقائع لا وفق الرغبات السياسية.

