تروي الدكتورة لمياء قلال رئيسة قسم الأمراض المعدة والجهاز الهضمي بمستشفى محمود الماطري عن مغامرة طبية جديدة تقاسمتها مع عدد من زملائها وزميلاتها مغامرة لم تكن سهلة، لكنها انتهت بابتسامة انتصار وإنقاذ حياة.
تقول الدكتورة لمياء:
“عدت لتوي من المستشفى، بعد أن تم استدعائي بشكل عاجل للتدخل في حالة طارئة – ليست الأولى، ولكنها من الحالات التي تترك أثراً لا يُنسى.”
المريضة، سيدة تبلغ من العمر سبعين سنة، كانت تعاني من اختناق شديد سببه قطعة كبيرة من اللحم علقت في أعلى المريء، فأغلقته بالكامل، وبدأت تضغط على الجدار المخاطي، مما جعلها غير قادرة على التنفس.

تمت مناقشة الحالة ضمن فريق متعدد الاختصاصات، وبدأنا بمحاولة التفريغ وفق الخطة “أ” باستخدام المنظار، لكنها لم تفلح. ثم انتقلنا إلى الخطة “ب”، لكنها لم تنجح أيضًا. بعد جهد متواصل، كانت الخطة “ج” هي من أنقذت المريضة، وذلك بعد ثلاث ساعات من العمل المتواصل والدقيق.

أكثر من عشرة من الإطارات الطبية شاركوا في العملية داخل غرفة التدخل: أطباء في الجهاز الهضمي، الإنعاش، الجراحة، إلى جانب عنصرين إضافيين التحقا بالفريق لدعم تنفيذ الخطة الأخيرة، دون أي التزام رسمي، بل فقط بدافع أخلاقي وإنساني.
تؤكد الدكتورة لمياء:
“لم يكن هناك أي مقابل مادي أو إداري. لم ننتظر شكرًا ولا ترقية، فقط كنا نريد أن نمنع تدخلاً جراحياً ثقيلاً، وأن نرسم بسمة على وجوه أهل المريضة.”
وتُضيف:
“كان يمكننا التوقف عند الخطة الأولى، أو الثانية. لكننا واصلنا لأن الإمكانيات الأساسية كانت متوفرة، والمريضة كانت تحت التخدير، موصولة بجهاز تنفس، وهذا أعطانا هامشًا أكبر للتدخل، حتى لو تطلب الأمر المرور إلى خطة ‘د’ و‘هـ’ و‘و’.”
ما حصل، بحسب الدكتورة، ليس استثناءً، بل مثال مما يحصل يوميًا في مستشفيات القطاع العام، حيث يتحرك الأطباء والممرضون بدافع الواجب الأخلاقي، في ظل ظروف صعبة وتقدير غير كافٍ.
وتختم بالقول:
“هذا نداء لحماية القطاع الصحي العمومي.
احرصوا على نقل الخبرات. واحتفظوا بالكفاءات.
فحتى لو تمّت مضاعفة الرواتب، فلن تعادل حجم العطاء الذي يقدمه هؤلاء يوميًا.”

