الرئيسيةآخر الأخبارفندق البحيرة : قصة البداية والنهاية

فندق البحيرة : قصة البداية والنهاية

منذ بنائه بين 1969 و1973، كان فندق البحيرة أيقونة للعمارة الحديثة في قلب العاصمة تونس.

صمّمه المهندس الإيطالي رافاييل كونتيجياني بمشاركة المهندس الإنشائي ألبرت نيراب، وجاء على شكل هرم مقلوب يرتكز على 190 عمودًا إسمنتيًا مغروسة حتى عمق 60 مترًا لمقاومة هشاشة التربة القريبة من البحر.

الفندق المؤلف من 10 طوابق و416 غرفة، وزّعت على أربع أجنحة، بُني بطريقة جعلت كل طابق يتقدّم عن الذي تحته بمسافة 2.40 متر. وقد وُصفت هذه التقنية بأنها “جرأة إنشائية” نادرة في زمنها.

— فندق البحيرة : قصة البداية والنهاية

شهادة هندسية: قراءة أنطونيو نييبلا

المهندس الإسباني أنطونيو نييبلا وصف الفندق بأنه “مبنى فريد من نوعه”، حيث وضع في دراسة سابقة (LinkedIn، 2023) تفاصيل دقيقة عن بنيته:

  • الطابق الأول بعرض 44.40 متر × 12.50 متر، بينما العاشر وصل إلى 82.80 متر × 12.50 متر، بارتفاع إجمالي 40.1 متر.
  • الطوابق تعتمد على هياكل فولاذية مترابطة، مع جسور خرسانية مسبقة الإجهاد.
  • السلالم ووسائل الإخلاء صُممت بشكل مائل وبارز عن الواجهة، ما منح المبنى شخصية خاصة.
  • نظام مقاومة الرياح اعتمد على تعشيقات فولاذية مائلة ترتكز على قواعد على شكل “V”.

هذه الهندسة جعلت الفندق ليس فقط إنجازًا معماريًا، بل معجزة تقنية ألهمت حتى الثقافة الشعبية العالمية (إذ يُقال إن تصميم مركبات Sandcrawlers في سلسلة Star Wars استُلهم منه).

— فندق البحيرة : قصة البداية والنهاية

على مدى السبعينات والثمانينات، كان “فندق البحيرة” عنوانًا للحداثة السياحية في تونس. لكن تراجع إشعاعه تدريجيًا حتى أُغلق سنة 2000.
في عام 2013، استحوذت عليه الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية (Laico)، لتبدأ مرحلة من الجدل: هل يُرمم المبنى ويُعاد إحياؤه، أم يُهدم ليُفسح المجال لمشاريع جديدة؟

سنوات طويلة من الحملات المدنية والنداءات من جمعية صون مدينة تونس ومعماريين محليين، طالبت بالحفاظ عليه كجزء من ذاكرة تونس الحضرية الحديثة.
لكن على المقابل، اعتبره كثيرون “كتلة قبيحة” و”تشويهًا بصريًا” بجوار المدينة العتيقة، داعين إلى تعويضه بمبنى عصري.

التباين ظهر بوضوح على شبكات التواصل:

  • مغرّد كتب: “منظر بشع… كيف لناس يعيشون قرب المدينة العتيقة أن يدافعوا عن هذا الشكل البشع؟”
  • آخرون عبّروا عن حزنهم، وكتب أحدهم: “لقد فقدنا جزءًا من ذاكرة العاصمة.”
  • تعليقات أجنبية وصفت الفندق بأنه “مثير للسخرية”، بينما رأى البعض أنه كان يحتاج فقط إلى “بعض الألوان” ليبدو مختلفًا.

في 15 أوت 2025، انطلقت أشغال الهدم رسميًا. وبين من رأى في العملية تحررًا من “إرث إسمنتي ثقيل”، ومن اعتبرها “جريمة في حق الذاكرة الحضرية”، يظل “أوتيل دو لاك” رمزًا لصراع أعمق:
كيف نتعامل مع التراث الحديث؟ هل نحافظ عليه كوثيقة معمارية، أم نضحّي به في سبيل مشاريع استثمارية جديدة؟

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!