الرئيسيةآخر الأخبارالسفير الأمريكي السابق قدم ال"نصح " لتونس : ماذا وراء قرار ليبيا...

السفير الأمريكي السابق قدم ال”نصح ” لتونس : ماذا وراء قرار ليبيا تعليق جميع أنشطة شركة هواوي الصينية

في خطوة لافتة تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية، أعلنت الهيئة العامة للاتصالات والمعلوماتية في ليبيا تعليق جميع أنشطة شركة “هواوي” الصينية داخل البلاد بشكل فوري، بدعوى انتهاك الشركة للقوانين الوطنية وتجاوزها الأطر القانونية في التعامل مع جهات غير مرخص لها، فضلاً عن خرقها لمبادئ الاتحاد الدولي للاتصالات المتعلقة باحترام سيادة الدول.

ويأتي هذا القرار بعد أيام قليلة فقط من الزيارة التي أداها إلى طرابلس مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، حيث التقى عدداً من المسؤولين الليبيين وبحث ملفات اقتصادية وأمنية تتعلق بالاستثمار والبنية التحتية.

غافيتو: الشركات الصينية تهدد الأمن القومي الليبي

القرار الليبي ينسجم بوضوح مع المواقف التي عبرت عنها جنيفر غافيتو، المرشحة لتولي منصب سفيرة الولايات المتحدة في ليبيا، خلال جلسة استماع لها أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي يوم 13 يونيو 2024.

غافيتو حذّرت آنذاك من أنّ:”الشركات المرتبطة بجمهورية الصين حققت اختراقات عميقة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا. إذا تم اعتمادي، سأدعم بقوة الحلول الأمريكية وأُبرز نقاط الضعف التي تواجه ليبيا في اعتمادها على مزوّدين غير موثوق بهم لأمنها القومي وبنيتها التحتية الحيوية”.

وأضافت أن التوسع الصيني في هذا القطاع عبر شركات مثل “هواوي” و”ZTE” يمثل خطراً على استقرار ليبيا، ويجعلها عرضة لاختراقات تمس سيادتها الرقمية.

تحذيرات سابقة من تونس إلى واشنطن

— السفير الأمريكي السابق قدم ال"نصح " لتونس : ماذا وراء قرار ليبيا تعليق جميع أنشطة شركة هواوي الصينية

وكانت الولايات المتحدة وبمفردات ديبلوماسية حذرت تونس من التعاطي مع المزود الصيني ” هواوي” وذلك في عدة مناسبات وكانت المناسبة الأكثر وضوحا عبر مقال رأي كتبه السفير الأمريكي السابق بتونس دونالد بلوم الذي قال صراحة وهو يتحدث عن مزايا الجيل الخامس بالنسبة لتونس ” ومع ذلك فإن تكنولوجيا الجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية لا تخلو من أخطار جسيمة تحدق بسرية معطيات المستخدمين الشخصية وبالسلامة المعلوماتية.

إذ يمكن لمصنّعي معدات هذه التكنولوجيا غير الموثوق بهم أن يستغلوا ثغرات في تجهيزاتهم من قبيل ما يعرف بالأبواب الخلفية ومفاتيح الإيقاف لسرقة معلومات المستخدمين دون علمهم. لذلك على الدول أن لا تستأمن على شبكات اتصالاتها شركات خاضعة لحكومات استبدادية.

إذ تخضع شركة هواوي مثلا إلى القانون الصيني للاستعلامات الوطنية مما يعني أنها ملزمة بتسليم أيّما معلومات تطلبها الحكومة الصينية وقد مثلت الشركة أمام محاكم فيدرالية أمريكية وجهت لها تهما جنائية بالتحيل والابتزاز والتآمر للاستيلاء على أسرار تجارية من الشركات التي تتخذ من الولايات التحدة مقرا لها.

يؤكد بلوم ” خلصت الولايات المتحدة وعدد متزايد من الخبراء العالميين إلى أن الأخطار الناجمة عن الترخيص باستخدام تجهيزات اتصالات الجيل الخامس من مزودين غير موثوق بهم ويخضعون لسلطة أنظمة استبدادية هي أخطار لا يمكن الحد من تبعاتها. وبالنظر إلى طريقة اشتغال شبكات الجيل الخامس يمكن الجزم أنّ أمنها من أمن كل تجهيزاتها قاطبة وأن لا مكان فيها لمعدات آمنة من مصادر غير ذات ثقة.

لذلك تطلب الولايات المتحدة من دول شتى ومنها تونس أن تتدارس مليّا الأخطار التي تنجم عن اعتماد مزودين غير موثوق بهم حتى تحافظ على سلامة وأمن شبكات الجيل الخامس في المستقبل. لقد انضمّ إلى مبادرة “الشبكة النظيفة” أكثر من 50 دولة تمثل تقريبا ثلثي الناتج الداخلي الخام العالمي وهو تجمع لدول التزمت ألا تدمج في بناها التحتية سوى تجهيزات من مزودين موثوق بهم.

وقد التحقت بهذا التجمع 26 من أصل 27 دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي. يؤمن هؤلاء الشركاء أن لا مكان في شبكاتهم لمعدات ترتبط بنظام بوليسي سواء كانت معدات اتصالات (ومنها الكابلات البحرية) أو أنظمة حوسبة سحابية أو تطبيقات هواتف محمولة “.

قراءة في السياق الإقليمي

يُنظر إلى القرار الليبي على أنه جزء من إعادة تموضع في ملف التكنولوجيا والاتصالات، خصوصًا في ظل الصراع الدولي المحتدم بين واشنطن وبكين. كما أن توقيته، المتزامن مع زيارة مسعد بولص، يعكس إمكانية وجود تنسيق سياسي أمريكي-ليبي يستهدف الحد من تغلغل الشركات الصينية في البنى التحتية الليبية.

وبالنظر إلى ما يشهده شمال أفريقيا من تنافس استراتيجي على مجالات الاستثمار والطاقة والاتصالات، فإن الخطوة الليبية قد تكون مقدمة لسياسة أوسع تُعيد رسم خريطة النفوذ التكنولوجي في المنطقة.

الاتحاد الأوروبي يضيّق على “هواوي”

يُذكر أن الاتحاد الأوروبي بدوره شدّد منذ 2020 القيود على استخدام معدات “هواوي” في شبكات الجيل الخامس (5G)، واعتبر الشركة “مزوّداً عالي المخاطر”. وقد دعت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء إلى تقليص اعتمادها على المعدات الصينية في البنى التحتية الحساسة، بل إن بعض العواصم الأوروبية مثل برلين وباريس ولندن اتخذت خطوات لإخراج “هواوي” تدريجياً من أسواقها.

وبذلك، يتقاطع القرار الليبي مع توجهات غربية أوسع تسعى إلى تحجيم النفوذ التكنولوجي الصيني، وهو ما يعكس اصطفافًا استراتيجيًا جديدًا قد تكون له انعكاسات مباشرة على مستقبل البنية الرقمية في شمال أفريقيا.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!