الرئيسيةآخر الأخبارإكتشاف ثاني أكبر معصرة زيت رومانية في تونس

إكتشاف ثاني أكبر معصرة زيت رومانية في تونس

أعاد الموقع الروماني القديم «سيليون»، الواقع في المنطقة الحدودية بين تونس والجزائر، جذب اهتمام علماء الآثار من جديد، بعدما كشفت الحفريات الأخيرة عن وجود منظومة ضخمة لإنتاج زيت الزيتون، تضاهي في حجمها أكبر المراكز الاقتصادية في الإمبراطورية الرومانية. وقد أثار اكتشاف معصرة عملاقة (توركولاريوم) اهتمام الباحثين بشكل خاص، إذ يُرجّح أن تكون ثاني أكبر معصرة رومانية يتم العثور عليها داخل حدود الإمبراطورية.

في العهد الروماني، كان «الفرانتويو» بمثابة وحدة صناعية كاملة لعصر الزيتون، حيث كانت تُستخدم فيه تقنية الرافعة الخشبية لإنتاج كميات كبيرة من الزيت، لا لتلبية حاجات الضيعة فحسب، بل أيضًا للتصدير. ولعب زيت الزيتون دورًا اقتصاديًا محوريًا في الإمبراطورية، إذ استُخدم كغذاء ودواء ووقود للمصابيح، ما جعل من هذه المنشآت أشبه بمصانع متكاملة.

— إكتشاف ثاني أكبر معصرة زيت رومانية في تونس

فصل جديد في دراسة أفريقيا الرومانية


تُجرى أعمال الحفر الحالية بقيادة الأستاذ لويجي سبيرتي ضمن بعثة جامعة «كا فوسكاري». وركز علماء الآثار على مزرعتين قديمتين للزيتون في سلسلة جبال جبل سماّمة، وهي منطقة معروفة بتضاريسها الوعرة وندرة المياه وتقلّبات درجات الحرارة. ورغم صعوبة الظروف الطبيعية، إلا أنّها كانت مثالية لزراعة أصناف زيتون قوية كانت مرغوبة في روما.

ويرى الباحثون أنّ المنطقة مثّلت عقدة اقتصادية مهمة؛ فقد كان الساحل التونسي من أكبر مزوّدي العاصمة الرومانية بزيت الزيتون. وتؤكد المنشآت المكتشفة أنّ الإنتاج كان منظمًا ومهيكلًا بشكل دقيق.

منطقة حدودية تتقاطع فيها الثقافات


كانت مقاطعة أفريقيا البروقنصلية، التي ضمت مدينة سيليون، مجالًا لاختلاط مستمر بين مجموعات السكان: الرومان والمستوطنين ذوي الخبرة والنواميد (الأمازيغ). وقد أدى هذا التفاعل إلى نشوء مزيج ثقافي يجمع بين العادات وأساليب الإنتاج والتنظيم الاجتماعي.

وتشير المكتشفات، من فخار وأدوات وعناصر معمارية متنوعة، إلى أنّ الروابط الاقتصادية للمنطقة كانت أوسع بكثير مما كان يُعتقد.

هنشير البقّار: مركز زراعي واسع النفوذ


ومن بين المواقع العديدة التي شملتها الحفريات، لفت الانتباه مجمع هنشير البقّار، والذي يرجح الباحثون أنّه كان جزءًا من ملكية زراعية واسعة تعود إلى القرن الثاني الميلادي تُعرف باسم Saltus Beguensis. وقد كانت هذه الضيعة مملوكة للأرستقراطي الروماني لوثيليوس الإفريقي، أحد المنتمين إلى طبقة vir clarissimus، وهي أعلى طبقات النبلاء في ذلك العصر.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!