الرئيسيةآخر الأخبارإيطاليا: هل تعرفون "القسم الثامن" الذي إنتحر بداخله مهاجر تونسي في مقتبل...

إيطاليا: هل تعرفون “القسم الثامن” الذي إنتحر بداخله مهاجر تونسي في مقتبل العمر

لقي شاب تونسي يبلغ من العمر 20 عامًا مصرعه بعد أن أقدم على الانتحار داخل زنزانة انفرادية بسجن بارشيلّونا بوتسو دي غوتّو (Barcellona Pozzo di Gotto) بجزيرة صقلية، وذلك في الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت، 24 ماي 2025. وتُعد هذه الحالة ثاني حالة انتحار في نفس السجن بعد تلك التي سُجلت يوم 20 مارس الماضي، كما أنها حالة الانتحار رقم 33 في السجون الإيطالية منذ بداية السنة، من بين 106 حالة وفاة إجمالية، منها 73 حالة مصنفة إداريًا على أنها “لأسباب أخرى” داخل مراكز الاحتجاز.

زنزانة انفرادية وقسم سيئة السمعة

كان الشاب التونسي محتجزًا منذ ساعات في زنزانة انفرادية داخل ما يُعرف بـ “القسم الثامن”، (Sezione VIII) في سجن بارشيلّونا بوتسو دي غوتّو، المعروف أيضًا باسم وحدة العناية بالصحة النفسية (ATSM). هذا القسم يُعاني من ظروف مزرية، حيث يفتقر إلى الرعاية الصحية النفسية الكافية، ويُحتجز فيه أكثر من 60 نزيلاً يعانون من اضطرابات نفسية، دون توفير الدعم الطبي اللازم. البيئة المادية في هذا القسم متدهورة، مع جدران متسخة وتجهيزات متهالكة، مما يُفاقم من معاناة النزلاء ويزيد من التوترات داخل السجن .

تم تحويل هذا القسم من مستشفى للأمراض النفسية إلى سجن دون إجراء التعديلات الهيكلية الضرورية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع. العديد من الحوادث، بما في ذلك حالات انتحار وهروب، وقعت في هذا القسم، مما يُبرز الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية .

وتُطالب منظمات حقوقية ونقابات بإغلاق هذا القسم أو تحويله إلى وحدة علاجية حقيقية، مع توفير الرعاية الصحية المناسبة للنزلاء، لضمان سلامتهم وسلامة العاملين في السجن.

وفق ما أوردته صحيفة Messina Today، فإن الشاب نُقل إلى العزل بعد أن تورط، مع رفاقه في الزنزانة السابقة، في إتلاف أثاث السجن ومحاولة إثارة شجار، مما دفع الإدارة إلى عزله. وتفيد التقارير بأن الشاب كان قد أبدى ميولًا إيذائية تجاه نفسه سابقًا، وخضع لعلاج في العيادة الطبية الخاصة بالسجن.

ورغم هذه المؤشرات الواضحة لخطر الانتحار، وُضع الشاب بمفرده في زنزانة دون رقابة كافية، إلى أن عثر عليه أحد أعوان السجن مشنوقًا بواسطة ملاءة سرير خلال جولة تفقدية ليلية.

الضحية كان قد نُقل مؤخرًا إلى هذا السجن قادمًا من مؤسسة إصلاحية في منطقة بوليا (Puglia)، وذلك بسبب الاكتظاظ في السجون الأخرى. وقد أمرت النيابة العامة في بارشيلّونا، بإشراف القاضي جوزيبي فيرتزيرا، بفتح تحقيق رسمي وحجز الجثة من أجل إجراء تشريح طبي لتحديد الأسباب الدقيقة للوفاة.

أزمة أعمق داخل سجون إيطاليا

هذه الحادثة ليست معزولة، بل تكشف مرة أخرى القصور الهيكلي في المنظومة السجنية الإيطالية، خاصة فيما يخص الرعاية النفسية للنزلاء. وتشير منظمات مثل “أنتيغوني صقلية” إلى أن قسم السجناء ذوي الاضطرابات النفسية يضم أكثر من 50 شخصًا من أصل 200، في غياب تام لبيئة آمنة وإنسانية.

وتزايدت الدعوات في الأيام الأخيرة لمحاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال، ولإصلاح حقيقي لظروف الاحتجاز التي تُصنَّف من قبل جهات حقوقية على أنها “لاإنسانية”.

وحسب النائب السابق مجدي الكرباعي فان هذه الوفاة تُعتبر السادسة منذ بداية السنة لمهاجر تونسي في السجون الإيطالية.

وقال في تدوينة له أمس يبلغ عدد السجناء والموقوفين التونسيين في السجون الإيطالية 2143 شخصًا، بينهم 13 امرأة، حسب ما أفادته وزارة العدل الإيطالية إلى غاية 30 أفريل 2025. وتُعتبر الجنسية التونسية الثالثة من حيث عدد السجناء الأجانب في السجون الإيطالية.

الكرباعي علق على هذه الوضعية بالقول “تتواصل معاناة المساجين التونسيين داخل السجون الإيطالية في ظل غياب تحرّك رسمي تونسي لفهم أسباب هذه المآسي ومحاسبة الجانب الإيطالي على حالات الوفاة الغامضة وحالات التعذيب كذلك.”

— إيطاليا: هل تعرفون "القسم الثامن" الذي إنتحر بداخله مهاجر تونسي في مقتبل العمر

وفي تصريح لصحيفة Nuovo Sud الايطالية قال ألدو دي جاكومو، الأمين العام لنقابة موظفي السجون ان
“عدد حالات انتحار السجناء من خارج الاتحاد الأوروبي في ازدياد، كما أن أعمار المنتحرين تشهد انخفاضًا ملحوظًا. كل هذه المعطيات تُبرز الحاجة الماسّة إلى خطة دعم نفسي، تشمل وجود أطباء نفسيين، وأخصائيين في الطب العقلي، ومترجمين، ووسطاء ثقافيين داخل المؤسسات السجنية، فغياب التواصل يُفاقم من معاناة السجناء.”

وأضاف دي جاكومو:
“لا يمكن لأعوان السجون أن يعوّضوا هذه الكفاءات، ورغم ذلك، فهم يقومون بمجهودات جبارة، كما يتضح من أكثر من 60 تدخلاً تمّ خلالها إنقاذ سجناء من محاولات انتحار في اللحظات الأخيرة.”

وتابع قائلًا:
“نقابتنا اقترحت منذ مدة فتح مكاتب دعم نفسي في كل مؤسسة سجنية، وتشجيع الأنشطة الاجتماعية والمهنية، إضافة إلى دورات تكوين وتعليم اللغة لفائدة السجناء الأجانب.”

لكن بالمقابل، تواصل الإدارة العامة للسجون تركيزها على ما يُسمى “stanze dell’amore” او “غرف الحب”، أي ما يتعلق بـ”الحق في العاطفة”، في حين يُهمل الحق في الحياة. ويُعلّق دي جاكومو:
“هذا أيضًا دليل على حالة التخبط التام وسوء التسيير الذي يطغى على إدارة السجون، والتي تعيش منذ أشهر بدون رئيس فعلي لإدارة السجون في حين يواصل الأعوان بذل جهودهم القصوى لمنع الانتحارات – إذ سُجل ما لا يقل عن 20 تدخلًا من هذا النوع في الأشهر الأخيرة فقط – وسط تصاعد أعمال العنف والاعتداءات اليومية.”

وختم بالقول:
“لقد تجاوزت الأزمة النقطة الحرجة، والدولة فقدت السيطرة. نحن بحاجة إلى أدوات وتمويلات موجّهة وفعالة، حتى في ما يتعلق بالصحة السجنية، فضلًا عن تنسيق حقيقي بين القطاع الصحي وإدارة السجون إذا أردنا بالفعل وقف هذه المجازر.”

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!