حذّر الصحفي الجزائري عثمان لحياني، في مقال نشره على موقع العربي الجديد،اليوم من تحوّل وصفه بـ«اللافت والمقلق» في خطاب وأدبيات كتلة محسوبة على المعارضة التونسية وبعض دعاماتها الإعلامية، موجّه أساسًا ضد الجزائر، معتبراً أن هذا المنحى يثير تساؤلات جدية حول خلفياته وتزامنه.
وأشار لحياني إلى أن هذا الخطاب يقوم، وفق تعبيره، على «وقائع مدسوسة وبالغة التضليل»، من بينها الترويج لدعاية تتحدث عن استقدام جزائريين للتظاهر دعماً للرئيس التونسي قيس سعيد، إضافة إلى تداول وثيقة قال إنها «مفبركة» بشأن اتفاق عسكري جزائري–تونسي. واعتبر أن المثير للاستغراب هو تبنّي شخصيات ونخب تونسية معروفة لهذه الروايات، رغم سهولة التحقق من عدم صحتها.
وأكد الكاتب أن من حق المعارضة التونسية، سياسيًا ونضاليًا وإعلاميًا، خوض معركتها ضد الرئيس قيس سعيّد والتعبير عن مواقفها إزاء السياسات الداخلية، غير أنه شدّد على أن «إقحام الجزائر وسحلها سياسيًا» في صراع تونسي–تونسي داخلي لا يبدو، بحسب رأيه، خيارًا سليمًا أو موفقًا، لما قد يترتب عنه من خلط بين الخلافات الداخلية ومتطلبات علاقات الدولة بالدولة.
وأوضح لحياني أن العلاقات التونسية–الجزائرية يجب أن تبقى، كما كانت تاريخيًا، قائمة على التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بغضّ النظر عن طبيعة الأنظمة الحاكمة أو السياقات السياسية في البلدين. واعتبر أن توصيف بعض أوجه الدعم الجزائري لتونس، مثل تسهيل التوريد الذاتي عبر الحدود، وتشجيع السياحة الجزائرية، وتزويد تونس بالطاقة والكهرباء، والتعاون الأمني، أو منح القروض، على أنه دعم مباشر لسلطة بعينها، يمثل «إشكالًا عميقًا في قراءة جزء من المعارضة التونسية للواقع».
وذكّر الكاتب بمواقف سابقة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، من بينها تصريحه خلال زيارة إلى روما في ماي 2022 باستعداد الجزائر لمساعدة تونس على «العودة إلى المسار الديمقراطي»، معتبراً أن ذلك يعكس عدم ارتياح جزائري لقرارات 25 جويلية 2021. كما أشار إلى مساعٍ جزائرية وديّة، في حدود ما تسمح به العلاقات الثنائية، للحد من تداعيات الأزمة التونسية، بما في ذلك محاولات التقريب بين قيس سعيّد والأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، والسعي لتفادي استدامة حبس راشد الغنوشي.
وختم لحياني بدعوة المعارضة التونسية، إذا كانت واثقة من أن المرحلة السياسية الحالية مؤقتة، إلى الحفاظ على «خط الرجعة» مع الجزائر، باعتبارها سندًا استراتيجيًا دائمًا لتونس، مؤكّدًا أن حقائق التاريخ والجغرافيا تظل ثابتة، ولا تتغير بتغيّر اللحظات السياسية.

