في جريمة صادمة هزّت مدينة القيروان والرأي العام الوطني، أقدم شاب يبلغ من العمر 29 عامًا على اقتلاع عيني زوجته البالغة من العمر 26 عامًا باستخدام شوكة مطبخ، مدفوعًا بوهم العثور على كنز مزعوم، أوهمه به أحد المشعوذين.
وتعود تفاصيل الحادثة إلى شهر رمضان الماضي، حيث صرّح والد الضحية أن ابنته كانت قد رفضت لقاء مشعوذ كان يتردد على زوجها، وأقنعه بوجود كنز يتطلب تنفيذ طقوس غريبة، من بينها الحصول على “عين امرأة” تحمل ما وصفه بـ”النقطة السوداء”، باعتبارها “علامة للوصول إلى الكنز”.
وأضاف الأب، في تصريحات إعلامية بتاريخ 3 جويلية 2025، أن الجاني انهال على زوجته ضربًا، وكسَر عنقها جزئيًا، قبل أن يقدم على اقتلاع عينيها بشكل وحشي باستخدام شوكة، وسط ذهول العائلة والجيران.
وقد تدخلت الوحدات الأمنية فور وقوع الحادث، وتمكنت من إلقاء القبض على الجاني بعد محاولته الفرار إلى أحد المرتفعات الجبلية، فيما لا يزال المشعوذ في حالة فرار، رغم تحديد هويته.
الضحية نُقلت على وجه السرعة إلى المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة، حيث تخضع للعلاج، في حين أكد والدها أنها فقدت بصرها بشكل نهائي، مطالبًا السلطات بالتدخل الصارم لوضع حدّ لهذه الممارسات الشعوذية الخطيرة وغير الإنسانية.
لا تزال تونس تشهد جرائم ترتبط بالخرافات والشعوذة. فقد سُجلت في السنوات الماضية عدة حوادث مشابهة، من بينها:
خلال شهر فيفري 2024 أكّد الناطق باسم محاكم مدنين فتحي البكوش فتح بحث عدلي في حقّ رجل وزوجته وتتبّعهما قضائيا من أجل الإهمال والتقصير في قضية وفاة ابنهما البالغ من العمر 9 سنوات بعد معالجته بطريقة رعوانية مما تسبب في موته.
ووفق ملف القضية، فإنّ الطفل كان يعاني من حالة إسهال شديد، وقام الوالدان بعلاجه بطريقة رعوانية، اعتقادا منهما أنّها ستشفيه من مرضه، حيث توجّها إلى مقرّ أحد الأولياء الصالحين بجزيرة جربة وقاما بأخذ حفنة من التراب يُطلق عليه ”تراب الولي الصالح” وطلبا من الطفل استنشاقه.
وأدى ذلك إلى تعكّر حالته الصحّية، ليقوما بنقله إلى المستشفى الجهوي الصادق المقدّم بجربة حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
وأبلغ المستشفى الوحدات الأمنية بالوفاة والتي أعلمت بدورها النيابة العمومية بمدنين لتتولى من جانبها فتح بحث عدلي في القضية وإحالة الوالدين بتهمة الإهمال والتقصير.
فتاة تموت خلال “رقية” في عوسجة – ماي 2019
في حادثة مأساوية، توفيت فتاة أصيلة ولاية أريانة يوم 31 ماي 2019 أثناء تلقيها “جلسة علاج بالرقية الشرعية” في جهة عوسجة من ولاية بنزرت، على يد كهل من ولاية سيدي بوزيد. وقد تعهدت فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني ببنزرت بفتح تحقيق في الغرض.
ورغم فظاعة الواقعة، لم تُوجّه اتهامات واضحة بقتل عمد أو ممارسة الطب دون ترخيص، بل تم التعاطي معها كحادثة عرضية.
كهل يفارق الحياة في القيروان خلال “رقية” – أفريل 2014
و شهدت مدينة القيروان حادثة مماثلة، إذ توفي رجل مساء يوم 28 أفريل 2014 داخل منزل “شيخ” بمنطقة طريق حفوز، خلال جلسة “رقية شرعية”. وتفيد المعطيات أنه لجأ للعلاج الروحي بعد العشاء، لكنه فارق الحياة بشكل مفاجئ. وقد أذنت النيابة العمومية بفتح محضر وإيقاف المعالج، وتحويل الجثة إلى الطبيب الشرعي.
لكنّ القضية لم تُحدث أي تغيير يُذكر على مستوى تنظيم هذه الممارسات أو مساءلة من يزاولونها دون رقابة.
الأسوأ أن بعض وسائل الإعلام التونسية ساهمت – ولا تزال – في شرعنة هذه الممارسات عبر استضافة “رقاة” أو “معالجين روحانيين” على قنواتها وبرامجها، بل وتقديمهم على أنهم أصحاب كرامات وحلول خارقة، مما يُساهم في نشر الجهل والخرافة والتخلف، ويُحوّل المرضى النفسيين إلى ضحايا متسلسلين.

