كشف النائب السابق مجدي الكرباعي ، في برنامج تلفزيوني على قناة Rai3، الايطالية عن شبكة واسعة لتجارة الملابس المستعملة في تونس، محذراً من أن هذه التجارة تُستغل كغطاء لإدخال نفايات نسيجية خطيرة تهدد البيئة والصحة العامة.
وأوضح الكرباعي كيف تصل هذه الملابس إلى تونس عبر شركات وشبكات منظمة تعمل من الموانئ الإيطالية، حيث تُصنّف ظاهرياً على أنها قابلة لإعادة الاستخدام، لكنها في الواقع نفايات يصعب إعادة تدويرها.
وأشار إلى أن جزءاً من هذه الملابس يُطرح في السوق المحلي، بينما يُلقى الجزء الآخر في الطبيعة أو المصبات العشوائية، وفي بعض الأحيان يتم حرقه في المصانع لإخفاء الأدلة على الجريمة.
وأشار الكرباعي إلى وجود “مافيا بيئية” في تونس، تربطها علاقات بالإدارة التونسية، تسعى لتحقيق الربح على حساب صحة المواطنين وسلامة البيئة، مؤكداً أنه قدم مستندات للسلطات منذ أشهر ولم يتلق أي تحرك قضائي أو إشعار بالتحقيق.
إعادة إحياء فضيحة النفايات الإيطالية
يأتي هذا الكشف في سياق يذكر بفضيحة النفايات الإيطالية في عام 2020، حين وصلت 282 حاوية ملوثة إلى ميناء سوسة، مصدرها مقاطعة كامبانيا الإيطالية، وأدت الضغوط الدولية إلى إعادة جزء منها. واعتبر الكرباعي أن “السيناريو ذاته يتكرر اليوم، لكن تحت غطاء تجارة الملابس المستعملة”، التي تسهّل التلاعب بالفواتير والتصاريح الجمركية لتصدير النفايات دون الإفصاح عنها.
خطر بيئي وصحي متصاعد
وحذّر الكرباعي من أن الملابس والنفايات النسيجية غالباً ما تكون ملوثة بالمواد الكيميائية والمعادن الثقيلة، ما يجعلها غير قابلة لإعادة التدوير. ويتم لاحقاً دفنها أو حرقها قرب التجمعات السكنية، مهددة البيئة والصحة العامة.
تؤكد تقارير منظمات مثل Greenpeace Italia وLegambiente أن هذه الظاهرة ليست محدودة بتونس، بل تشمل دول شمال إفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، حيث تُصدّر أطنان من الملابس تحت غطاء إنساني أو تجاري لتفادي تكاليف المعالجة في أوروبا.
إحصاءات صادمة
وفق تقرير منظمة Greenpeace Africa بعنوان “Draped in Injustice” الصادر في يوليو 2025، فإن 46% من الملابس المستعملة في العالم مصدرها الاتحاد الأوروبي، ويُقدّر أن نحو 900 ألف طن من الملابس المستعملة وصلت إلى تونس ودول أفريقية أخرى عام 2022، نصفها يتحول إلى نفايات تُدفن أو تُحرق في الهواء الطلق.
وقالت تشيارا كامبيوني من Greenpeace Italia: “الظاهرة خرجت عن السيطرة، ويجب على الشركات الأوروبية تحمل كامل مسؤولياتها وفق مبدأ من يلوّث يدفع”.
ردود الأفعال في تونس
حتى الآن، لم يصدر أي موقف رسمي من وزارة البيئة أو الديوانة أو النيابة العامة، بينما نشر نشطاء بيئيون مقاطع التحقيق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة جميع المتورطين في هذه العمليات التي تهدد البيئة وتسيء إلى صورة تونس.

