يشكل شباب “جيل Z” اليوم أكثر من ربع سكان المغرب، ما يجعلهم قوة ديمغرافية صاعدة يُعوّل عليها في صياغة مستقبل البلاد.
غير أنّ هذا الجيل الذي تتراوح أعماره بين 13 و28 سنة يعيش مفارقة صارخة، إذ يُعدّ في الآن ذاته الفئة الأكثر تضررًا من البطالة والهشاشة الاجتماعية، ما دفعه إلى ابتكار أشكال جديدة من التعبير والاحتجاج، تقودها الشاشات وتُصاغ شعاراتها على منصات التواصل الاجتماعي قبل أن تجد صداها في الشارع.
ثقل ديمغرافي واضح
وفق معطيات جمعها موقع هسبريس المغربي استنادًا إلى بيانات المندوبية السامية للتخطيط، يبلغ عدد المغاربة المنتمين إلى هذه الفئة 9 ملايين و657 ألفًا و283 شخصًا، من أصل 36.8 مليون نسمة وفق إحصاء 2024، أي ما يعادل 26.3 في المائة من إجمالي السكان.
ويتوزع هذا الجيل بين 4.9 ملايين ذكر (50.9%) و4.7 ملايين أنثى (49.1%)، ما يعكس توازنًا نسبيًا بين الجنسين.
بطالة وهشاشة اجتماعية
رغم وزنه العددي، يواجه “جيل Z” تحديات كبرى في سوق العمل. فحسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط (الربع الثاني من 2025)، بلغ معدل البطالة في صفوف الفئة العمرية بين 15 و24 سنة 35.8%، مقابل 21.9% لدى من تتراوح أعمارهم بين 25 و34 سنة، بينما لم يتجاوز المعدل الوطني 12.8%.
كما بلغ معدل الشغل الناقص لدى الفئة ما بين 15 و24 سنة نسبة 15.2%، ما يعكس صعوبة الولوج إلى وظائف مستقرة وذات جودة.
التعليم والصحة في صدارة المطالب
نشأ هذا الجيل في قلب الثورة الرقمية، مما أكسبه قدرة عالية على استخدام أدوات التواصل الحديثة. وبعيدًا عن الأشكال الكلاسيكية للاحتجاج، يعتمد الشباب على المنصات الاجتماعية لتنظيم الحملات وتعبئة الرأي العام والدفاع عن مطالبهم، وعلى رأسها إصلاح قطاعي التعليم والصحة اللذين يواجهان انتقادات متزايدة.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حذر في تقرير سابق من تفاقم ظاهرة الشباب الذين “لا يشتغلون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين”، مشيرًا إلى أنّ عددهم في الفئة 15-24 سنة يناهز 1.5 مليون، ويرتفع إلى 4.3 ملايين عند احتساب الفئة الممتدة إلى 34 سنة.
وفي تقرير لاحق، أوضحت المندوبية السامية للتخطيط أن الشباب في هذه الوضعية يمثلون حوالي 25% من الفئة العمرية 15-24 سنة، أي ما يعادل 1.5 مليون شخص.
جيل يصنع الحراك الجديد
يبدو أن “جيل Z” لم يعد مجرد فئة عمرية تبحث عن فرص أفضل، بل أصبح فاعلًا اجتماعيًا جديدًا يعيد تشكيل مشهد الاحتجاج والعمل المدني في المغرب.
فبفضل حضوره الرقمي القوي وقدرته على تحويل الإحباط إلى فعل جماعي، يتجه هذا الجيل ليكون أحد المحددات الأساسية للمشهد الاجتماعي والسياسي في السنوات القادمة.

