وجّه عدد من نواب مجلس نواب الشعب، يوم 16 ديسمبر 2025، سلسلتين من الأسئلة الكتابية إلى رئيسة الحكومة، تتعلقان بمدى احترام مبادئ الحياد والاستقلالية والتعددية داخل وسائل الإعلام العمومية التونسية، وذلك على خلفية اختيارات تحريرية وتنظيمية أثارت جدلاً داخل الساحة البرلمانية.
الإذاعة الوطنية: التساؤل حول الاستعانة بمسؤول حزبي
وتناولت السلسلة الأولى من الأسئلة لجوء الإذاعة الوطنية التونسية إلى بدر السماوي، الأمين العام لحركة النضال الوطني، بصفته متدخلا دائماً في أحد برامجها. واستفسر النواب عن الأسس القانونية والمعايير المهنية التي تم اعتمادها للاستعانة بمسؤول حزبي ناشط للتعليق على الشأن العام داخل مؤسسة إعلامية عمومية ممولة من المال العام.
كما تساءل النواب عن مدى توافق الجمع بين المسؤولية الحزبية والنشاط الإعلامي المنتظم في برنامج يعالج قضايا عامة، مع الالتزامات المفروضة على المرفق العمومي السمعي البصري في ما يتعلق بالحياد والاستقلالية. وطرحوا أسئلة حول الإجراءات المعتمدة لتفادي تضارب المصالح، وما إذا يتم التصريح بصفة المتدخلين الحزبية بوضوح للجمهور، إضافة إلى الضمانات الكفيلة بتأمين تعددية الآراء والمساواة في النفاذ إلى المنابر، خاصة بالنسبة للمتدخلين القارين.
وطالب النواب كذلك بمعرفة ما إذا تم إنجاز تقييم داخلي للتثبت من مدى مطابقة هذه المشاركة للنصوص القانونية والمواثيق التحريرية الجاري بها العمل، وما هي الإجراءات المزمع اتخاذها مستقبلاً لتفادي الخلط بين التحليل الإعلامي والانخراط السياسي.
التلفزة التونسية: جمع بين مؤسستين إعلاميتين وتضارب محتمل للمصالح
أما السلسلة الثانية من الأسئلة، فقد تعلقت بالتلفزة التونسية واستضافة الصحفي سفيان فرحات كمحلل دائم في أحد برامجها، في الوقت الذي يشغل فيه الوظيفة ذاتها على قناة خاصة هي «التاسعة». وتسائل النواب عن قانونية الجمع بين هاتين الوظيفتين، وعن آليات التصريح والرقابة المتعلقة بتضارب المصالح في مثل هذه الحالات.
كما استفسروا عن الكيفية التي تضمن بها التلفزة التونسية استقلال خطها التحريري إزاء مصالح تجارية أو تحريرية محتملة مرتبطة بوسائل إعلام خاصة، وعن التدابير المعتمدة لمنع توظيف الموارد العمومية لخدمة الترويج المهني داخل القطاع الخاص.
وأثار النواب في ختام أسئلتهم مسألة احترام مبدأ تكافؤ الفرص وتنوع الأصوات داخل برامج الإعلام العمومي، في ظل تكرار الأسماء الإعلامية نفسها بين المؤسسات العمومية والخاصة، داعين إلى توضيح آليات المساءلة في حال الإخلال بأخلاقيات المهنة، ومتسائلين عن إمكانية مراجعة الميثاق الأخلاقي للتلفزة التونسية بما يضمن تأطيراً أكثر صرامة لمسألة الجمع بين الأنشطة الإعلامية.

