في مشهد يعكس فجوة بين النصوص القانونية والواقع الميداني، أعلن المجلس المحلي بالمحمدية عن “مصادقته” على المخطط التنموي الخماسي 2026–2030 الخاص بالمدينة، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا بين المتابعين للشأن المحلي، لا فقط بسبب محتوى المخطط، بل أيضًا – وربما أساسًا – لأنها تتجاوز الصلاحيات القانونية للمجالس المحلية.
فوفق القانون الأساسي عدد 4 لسنة 2025 المؤرخ في 12 مارس 2025 المتعلق بالمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم، فإن صلاحيات المجالس المحلية لا تشمل المصادقة على مخططات التنمية، بل تقتصر على “التداول” فيها وتقديم توصيات بشأنها، لتُرفع لاحقًا إلى المجالس الجهوية ثم مجالس الأقاليم، قبل أن تصل إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم للبت فيها.
لكن تتجاوز الطرافة حدود القانون حين نُلقي نظرة على المشاريع المقترحة في هذا المخطط “المصادق عليه”، والتي لا تكاد تلامس الواقع التنموي والاجتماعي للجهة.
في مدينة ما تزال تعاني من نقص حاويات القمامة، وساحات عمومية تحوّلت إلى مصبات عشوائية، وأمطار لا تتجاوز 10 ملم تغرق الشوارع، يطرح المخطط مشاريع قد تُغري سكان المريخ أكثر من أهل المحمدية، منها:
- إحداث قطب جامعي باختصاصات عصرية كالهندسة الفضائية والذكاء الاصطناعي.
- ربط المحمدية بخط مترو RFR
- مركبات رياضية وقاعات وملاعب في كل حي من المدينة.
- والأكثر طموحًا: إحداث مطار محلي، رغم أن المواطنين لا يجدون مكانًا مُغطّى ينتظرون فيه الحافلة.
المطلوب اليوم ليس فقط ضبط الخطاب المحلي مع مقتضيات القانون، بل أيضًا صياغة تصوّرات واقعية وذات أولوية حقيقية للناس. هل نحن في حاجة إلى مطار؟ أم إلى تهيئة السوق الأسبوعية؟
هل نبدأ بالذكاء الاصطناعي؟ أم نصرف المياه الراكدة من أمام المدارس؟
قد تكون الأحلام مشروعة، لكن من غير المشروع أن “يصادق” مجلس لا يمتلك صلاحية المصادقة، على مشاريع لا تمتلك صلة حقيقية بالأولويات المحلية. والمطلوب اليوم أكثر من مجرد “أفكار”، بل الالتزام بما يسمح به القانون، والاستماع لما يحتاجه المواطن حقًا… قبل أن نحلم برحلات جوية من مطار لم يُولد بعد.
