الرئيسيةآخر الأخباروزيرة المالية تكشف ملامح السياسة الاقتصادية الجديد

وزيرة المالية تكشف ملامح السياسة الاقتصادية الجديد

قدّمت وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، صباح اليوم، خلال أشغال المجلس الوزاري المنعقد بقصر الحكومة بالقصبة تحت إشراف رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، عرضًا تفصيليًا حول الإصلاحات المالية الهيكلية التي تعتزم الحكومة تنفيذها في المرحلة المقبلة، في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية العادلة.

وأكدت الوزيرة أن هذه الإصلاحات تأتي استجابة لتوجّهات الدولة في بناء منوال اقتصادي جديد يقوم على التوازن بين الدور الاجتماعي للدولة ودعم النمو والاستثمار، مع الحرص على تعبئة الموارد الوطنية بطرق مبتكرة وعادلة.

وشدّدت وزيرة المالية على أن سياسات الإنفاق العمومي في المرحلة القادمة ستركّز على دعم مقوّمات الدولة الاجتماعية، من خلال دفع التشغيل وخلق فرص عمل جديدة والحدّ من البطالة والتشغيل الهشّ، في إطار المرسوم عدد 3 لسنة 2025 الصادر بتاريخ 3 أكتوبر الجاري، ومساندة الفئات محدودة الدخل عبر دعم الأسعار وتعزيز منظومة الدعم، وتحسين القدرة الشرائية للمواطن عبر إجراءات موجّهة لحماية الفئات الهشة، ودفع الاستثمار والتنمية الجهوية العادلة من خلال مشاريع منبثقة عن المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم، وإصلاح المؤسسات العمومية وإعادة هيكلتها لتعزيز مردوديتها، ودعم القطاعات الحيوية مثل الفلاحة والصحة والنقل والتعليم، وتسريع الانتقال الطاقي والإيكولوجي بما يواكب التحولات العالمية، وتحفيز الصناعة الوطنية وتشجيع المنتجات المحلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص التوريد.

وفي ما يتعلّق بسياسات تعبئة موارد الدولة، أكدت الوزيرة أن الحكومة ستعتمد مقاربة جديدة تهدف إلى دعم النموّ والاستثمار والتنمية الشاملة، ومكافحة التهرّب الجبائي ودمج الاقتصاد الموازي ضمن الدورة الاقتصادية الرسمية، وتوسيع قاعدة الأداء وتخفيف العبء الجبائي على الأفراد والمؤسسات، وتشجيع التونسيين المقيمين بالخارج على الاستثمار في تونس عبر حوافز مالية وضريبية، والمساهمة في توفير السكن اللائق كجزء من العدالة الاجتماعية، ورقمنة الخدمات الإدارية وتشجيع نظم الدفع الإلكتروني لتطوير الأداء المالي للدولة.

وأوضحت الخالدي أن هذه الإصلاحات تهدف إلى ترسيخ مبدأ التعويل على الذات وتعزيز استقلال القرار الوطني، عبر حسن توظيف الموارد وتوجيهها نحو أولويات اجتماعية وتنموية واضحة، مؤكدة أن نجاح هذه المقاربة يتطلّب تنسيقًا محكمًا بين مختلف الوزارات وتفعيلًا لدور الهياكل المحلية في تحديد المشاريع ذات الأولوية. واختتمت وزيرة المالية مداخلتها بالتأكيد على أن الحكومة ماضية في تنفيذ إصلاحات مالية شاملة تعكس خيارات الدولة الاجتماعية والسيادية، وتضمن تنمية عادلة ومتوازنة تستجيب لتطلعات المواطنين وتؤسّس لنموّ اقتصادي مستدام.

وتأتي هذه الإصلاحات في سياق اقتصادي ومالي دقيق، تتسم فيه المالية العمومية بضغط متزايد على الموارد، وتراجع منسوب الاستثمار الأجنبي المباشر، وارتفاع كلفة تمويل الميزانية في ظل غياب اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.

كما تواجه تونس تحديات تتعلّق بضرورة استعادة ثقة الأسواق الدولية وتحسين مناخ الأعمال، خاصة بعد خروجها من عدد من مؤشرات التصنيف والشفافية الدولية.

ويرى خبراء الاقتصاد أن نجاح هذه الإصلاحات سيظل مرهونًا بمدى قدرة الدولة على تنفيذها فعليًا على الميدان، وعلى تحقيق التوازن بين الالتزامات الاجتماعية والضرورات المالية، بما يسمح بإرساء منوال تنموي سيادي يقطع مع السياسات الظرفية السابقة ويعيد القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!