أشارت خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي (CRS) في تقرير حديث إلى أن برامج الصواريخ الإيرانية تمثل محورًا أساسيًا في استراتيجية طهران لتعويض نقاط الضعف في قدراتها العسكرية التقليدية، وذلك من خلال تطوير أدوات ردع غير متماثلة.
ويتقاطع هذا المسعى مع دعم إيران المستمر لشبكة من الجماعات الحليفة والميليشيات المنتشرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، حيث زودتها بأنواع متعددة من الصواريخ.
ووفقًا لتقييم سنوي للتهديدات قدّمه مكتب مدير الاستخبارات الوطنية إلى الكونغرس في مارس 2025، تواصل إيران تطوير أنظمة الصواريخ والطائرات المسيّرة محلية الصنع من حيث الدقة والفتك، وتمتلك حاليًا أكبر مخزون من هذه الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط.
كما رصد المركز الوطني للاستخبارات الجوية والفضائية (NASIC) في تقرير صدر سنة 2020 ما لا يقل عن 14 نوعًا مختلفًا من الصواريخ الباليستية الإيرانية، شملت صواريخ تعمل بالوقود الصلب — التي تمتاز بسهولة الصيانة وطول العمر الافتراضي — وأخرى تعمل بالوقود السائل التي توفر قوة دفع أعلى.
الصواريخ الباليستية قصيرة المدى: تكنولوجيا سكود
تضم الترسانة الإيرانية من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى (SRBMs)، التي يقل مداها عن 1000 كيلومتر، نماذج تعتمد على الوقودين السائل والصلب. وتستند بعض هذه الصواريخ، مثل “شهاب-1″، “شهاب-2” و”قيام-1″، إلى تكنولوجيا سكود السوفيتية، بحسب تقرير صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA) عام 2019.
وفي أوائل الألفينات، بدأت إيران تطوير سلسلة “فاتح”، التي تعمل بالوقود الصلب، وتشمل صاروخ “فاتح-110″ الذي يبلغ مداه نحو 300 كلم، و”فاتح-313” الذي يصل إلى 500 كلم، وفقًا لتقرير NASIC. وقدمت إيران نسخًا محسّنة من هذه السلسلة، مثل “ذو الفقار” و”خليج فارس” المضاد للسفن.
الصواريخ الباليستية متوسطة المدى: النموذج الكوري الشمالي
بالنسبة للصواريخ التي يتراوح مداها بين 1000 و3000 كلم، تعتمد إيران بشكل أساسي على عائلة “شهاب-3″، التي تعمل بالوقود السائل ويُقدّر مداها الأقصى بـ2000 كلم. ويفيد تقرير صادر عن NASIC في 2017 أن هذا الصاروخ يستند إلى الصاروخ الكوري الشمالي “هواسونغ-7” (أو “نودونغ-1”)، وهو أمر تنفيه طهران رسميًا.
ويُعتقد أن إيران بدأت اختبار “شهاب-3” منذ عام 1998، وطوّرت منه عدة نسخ. وتُشير تقارير إلى إمكانية تعديله لحمل رؤوس نووية، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2011. كما أن صواريخ “قدر-1″ و”عماد-1” يُعتبران من مشتقاته المتقدمة، بالإضافة إلى صاروخ “سفير” المخصّص للإطلاق الفضائي.
البحث والتطوير وإمكانية إنتاج صواريخ بعيدة المدى
أثار خبراء دوليون، من بينهم مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيون (فرنسا، ألمانيا، والمملكة المتحدة)، تساؤلات حول الطبيعة المزدوجة لبرنامج إيران لإطلاق المركبات الفضائية، وإمكانية استخدامه في تطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى، وربما حتى عابرة للقارات (ICBMs).
وفي هذا السياق، قدرت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA) عام 2025 أن إيران قد تكون قادرة على تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات لأغراض عسكرية بحلول عام 2035، إذا قررت المضي قدمًا في هذا الاتجاه.

