في خضم الجدل القائم حول ضرورة مراجعة بعض الأحزاب لماضيها السياسي، دعا السياسي محسن مرزوق، المستشار السابق للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، إلى اعتماد مبدأ “النقد الذاتي” كأساس أخلاقي لأي نقاش سياسي جاد في البلاد.
وفي تدوينة نشرها عبر حسابه الرسمي، أشار مرزوق إلى ما وصفه بـ”الازدواجية” في مواقف بعض الأطراف السياسية، مؤكداً أن “الدعوة إلى النقد الذاتي تبقى مشروعة ومطلوبة، لكنها تفقد مشروعيتها إذا جاءت من جهات لم تمارس بدورها نفس التمرين”.
وأوضح مرزوق أن الحزب الدستوري الحر، الذي يُعد امتداداً سياسياً للتجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، معنيٌّ هو الآخر بتقديم مراجعة ذاتية لما وصفه بـ”الممارسات غير الديمقراطية التي اتسم بها النظام السابق”، مشيراً في الوقت ذاته إلى عدم إنكار الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والبنية التحتية التي تحققت في تلك الحقبة.
ولم تقتصر دعوة مرزوق على تيار بعينه، إذ وسّع نطاق نقده ليشمل اليسار الماركسي، الذي قال إنه “لم يكن ديمقراطياً في جوهره، وكان يؤمن بالعنف الثوري وديكتاتورية البروليتاريا”، مستشهداً بتجربته الشخصية في شبابه داخل هذا التيار.
كما اعتبر أن “جماعات الإسلام السياسي” تتبنى فكراً تقسيمياً للمجتمع على أساس ديني، معتبراً أن تعديلاتهم الشكلية لم تغيّر جوهر المشروع الذي “يستبدل منطق الدولة بمنطق الجماعة”، بحسب تعبيره.
أما التيارات القومية، فقد انتقدها مرزوق على خلفية تغليبها لفكرة القومية على حساب الدولة الوطنية، وتأييدها للانقلابات العسكرية كوسيلة للوصول إلى الحكم، ضارباً المثل بنماذج الحكم في عدد من الدول العربية.
وختم مرزوق تدوينته بدعوة مفتوحة لكل الأطراف السياسية إلى إجراء مراجعة صريحة ونقد ذاتي صادق، معتبراً أن “المطالبة بنقد الآخر دون ممارسة نقد الذات هو سلوك غير أخلاقي وغير مشروع”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه المشهد السياسي التونسي تجاذبات حول ماضي الأحزاب ومآلات التحول الديمقراطي، مما يطرح تساؤلات جدية حول مسؤولية كل طرف في ما آلت إليه الأوضاع اليوم.

