يُعدّ الأسير نادر صدقة، الملقّب بـ “السامري”، إحدى الشخصيات الفريدة في المشهد الفلسطيني المعاصر، إذ جمع بين انتماءٍ دينيٍّ نادر وولاءٍ وطنيٍّ لا لبس فيه.
نادر، وهو من الطائفة السامرية وهي طائفة يهودية قديمة تعيش في جبل جرزيم بنابلس، وتُعدّ من أصغر الطوائف في العالم (بضع مئات من الأفراد).، انخرط منذ شبابه في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قبل أن يصبح أحد القادة الميدانيين في جناحها العسكري كتائب الشهيد أبو علي مصطفى خلال الانتفاضة الثانية.
في عام 2004، اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد مطاردة استمرت شهورًا، ووجهت إليه تهمًا تتعلق بتنفيذ وتخطيط عمليات مقاومة ضد قوات الاحتلال والمستوطنين في شمال الضفة الغربية.
أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية حكمًا قاسيًا بحقه بلغ ستة مؤبدات و45 عامًا إضافيًا، ليصبح أحد أبرز الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ورغم خلفيته الدينية اليهودية، فإن نادر صدقة اختار أن يكون في صفّ الحق الفلسطيني، مؤمنًا بأن الانتماء إلى الأرض والعدالة أسمى من أي تصنيف طائفي أو ديني.
من داخل زنزانته، تحوّل “السامري” إلى رمزٍ للتنوّع والوحدة الوطنية، ورسالةٍ صامتةٍ بأن فلسطين تتّسع لكل من يؤمن بها مهما كان أصله أو معتقده.
ورغم مرور أكثر من عشرين عامًا على اعتقاله، ما زال نادر صدقة حاضرًا في الذاكرة الشعبية الفلسطينية بوصفه “اليهودي الذي قاوم الاحتلال من أجل فلسطين” — قصة نادرة تختصر ببساطة أنّ الحرية موقف، لا هوية دينية.

