قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقائه وفداً من الكونغرس الأمريكي في القدس الغربية، إن كل من يحمل هاتفاً محمولاً في العالم “يحمل قطعة من إسرائيل بين يديه”. هذا التصريح الذي أثار جدلاً واسعاً يستحق قراءة متأنية من منظور علمي وتقني بعيد عن الخطاب الدعائي والسياسي.
الهواتف الذكية الحديثة هي نتاج سلسلة توريد معقدة تضم مئات المكونات القادمة من عشرات الدول. المعالج المركزي، وهو عقل الهاتف، يأتي في الغالب من شركات مثل كوالكوم وآبل وميدياتك، ويُصنع حصرياً تقريباً في مصانع تايوان وكوريا الجنوبية. الشاشات تنتجها شركات كبرى مثل سامسونغ و”إل جي” في كوريا أو “BOE” في الصين.
الكاميرات تأتي غالباً من اليابان عبر مستشعرات “سوني” أو من كوريا عبر “سامسونغ ISOCELL“. أما الذاكرة، التي تعتبر من أغلى مكونات الهاتف، فتسيطر عليها ثلاث شركات رئيسية: سامسونغ وإس كيه هاينكس الكوريتان، وميكرون الأمريكية. حتى البطاريات، التي تحدد عمر الجهاز، تأتي من كوريا والصين. في كل هذه المكونات الحيوية، لا تظهر إسرائيل كلاعب رئيسي.
صحيح أن بعض الشركات الإسرائيلية تقدم مساهمات في مجال التكنولوجيا، مثل شركة CEVA التي تصمم برمجيات ومعالجات فرعية للاتصالات قد تُستخدم في بعض الهواتف، أو شركة Tower Semiconductor التي تصنع رقائق تماثلية لأغراض متخصصة، إلا أن هذه المساهمات جزئية ولا تشمل كل الهواتف في السوق العالمية. ما يعني أن تعميم نتنياهو على أن كل هاتف يحتوي على “قطعة من إسرائيل” تعميم غير دقيق علمياً ولا تدعمه بيانات صناعة أشباه الموصلات أو تقارير سوق الهواتف الذكية.
من الواضح أن تصريح نتنياهو كان يهدف إلى التأثير السياسي أكثر منه إلى تقديم معلومة تقنية دقيقة. فهو يخاطب جمهوراً أمريكياً ليؤكد أن إسرائيل ليست مجرد حليف سياسي بل شريك لا غنى عنه حتى في تفاصيل الحياة اليومية، من الهاتف إلى الدواء إلى الطعام. لكن الحقائق الصناعية تشير إلى أن الدور الإسرائيلي في سلسلة إنتاج الهواتف يبقى محدوداً مقارنةً بالهيمنة الآسيوية والأمريكية على هذا القطاع.

