بعد أكثر من أسبوعين على الحادثة التي كادت تتحول إلى كارثة، أراد أحد مراقبي الحركة الجوية في نيس إعادة توضيح مجموعة من الوقائع لوضع حدّ لـ”الخيالات والمبالغات”.
وفقًا له، فإن برج المراقبة هو من طلب من طيار شركة Nouvelair إعادة زيادة قوة المحركات فور سماع إنذار المدرج، ما حال دون وقوع الكارثة، ووصف الواقعة بأنها “معجزة”.
المراقب الجوي، باسكال*، يعمل في نيس منذ عدة عقود، ولم يشعر قط بأن وقوع حادث اصطدام كان قريبًا إلى هذا الحد كما يوم الأحد 21 سبتمبر 2025، عندما اقتربت طائرة شركة Nouvelair من التحطم بعد أن حطّت على بعد “ثلاثة أمتار تقريبًا” من طائرة EasyJet المتجهة إلى نانت والتي كانت تحتل المدرج 04R (يمين).
منذ ذلك الحين، أصبح مراقبو الحركة الجوية هدفًا للعديد من الانتقادات، خصوصًا من عمدة نيس كريستيان إستروسي، الذي أعلن نيته “طلب من الدولة الفرنسية استبدال المراقبين الجويين بالجنود”، جزئيًا نتيجة للحادثة التي تم تفاديها.
في مواجهة هذا التشكيك المستمر في مهنتهم، عبّر باسكال عن شعوره بـ”الإنهاك والإحباط”، فقرر تقديم مزيد من التفاصيل حول أسباب حادثة 21 سبتمبر لقناة France 3 Côte d’Azur “دون مبالغة أو تخيلات”.
“الطيار لم ير EasyJet”
على الرغم من تأكيد مكتب التحقيق والتحليلات في مجال سلامة الطيران المدني (BEA) في 27 سبتمبر أن طيار طائرة Nouvelair أخطأ في المدرج، لم يتم تأكيد أي تفاصيل أخرى حول الحادثة حتى الآن.
في تلك الليلة، لم يكن باسكال في موقع عمله، لكنه أكد أن زملاءه قدموا المعلومات الصحيحة للطيار القادم من تونس، ومنحوه الإذن بالهبوط على المدرج 04L (يسار)، المخصص للهبوط. عندها، انطلق إنذار المدرج، وهو جهاز “مرئي وصوتي، متاح للمراقبة”، لتحذير الطيار من أي خطأ.
نظرًا لخصوصية مطار نيس بين البحر والجبل، “من المستحيل رؤية الطائرة مباشرة من برج المراقبة”، كما أشار باسكال، مشيرًا إلى أن المسافة بين مدرج الإقلاع والهبوط لا تتجاوز 300 متر مقارنة بـ700 متر في المطارات الأخرى، ما يزيد صعوبة المهمة.
عند انطلاق الإنذار، طلب المراقب من الطيار التأكيد، فأكد الأخير أنه يهدف إلى المدرج 04L، وليس المدرج الذي كانت تشغله طائرة EasyJet. مع استمرار الإنذار، طلب المراقب من الطيار إعادة زيادة قوة المحركات لتجنب الكارثة. وأوضح باسكال: “الطيار لم ير EasyJet أبدًا، وحتى من الليل لم يكن ذلك سهلاً”.
تفاوت شدة إضاءة المدرجات
لكن خطأ الطيار ليس السبب الوحيد، بحسب باسكال، إذ أشار إلى اختلاف شدة إضاءة المدرجات: أحد المدرجين تم تجهيزه بمصابيح LED حديثة، والآخر بمصابيح قديمة أقل إضاءة، ما تسبب في الالتباس. وأضاف أن هناك “مئات المصابيح بحاجة للتغيير”، والخطة الحالية لاستكمال ذلك تستغرق نحو سنتين.
إجراءات السلامة بعد الحادثة
بعد الحادثة، عدّلت الإجراءات لتطبيق الهبوط الآمن في الليل، بدل استخدام مسار تجنب المدن المجاورة (كان ونيس)، حتى صدور تقرير BEA. وأوضح باسكال أن هذا قد يزيد شكاوى السكان من الضوضاء، لكنه ضروري للحفاظ على سلامة الطيران.
نقص المراقبين في المطار
فيما يخص نقص المراقبين، يبلغ عددهم الحالي 72 مراقبًا بدل 90 مطلوبين، ما يؤثر على مهنتهم، لكن باسكال أكد أن هذا لم يكن سبب الحادثة يوم 21 سبتمبر، حيث كان الفريق مكتملاً. وأوضح أن التوظيف مستمر للوصول إلى العدد المطلوب، لكن تدريب أربعة أشخاص في الوقت نفسه قد يستغرق سنوات.
وختم باسكال تصريحاته بالتأكيد أنه لم يقم بأي شيء يعرقل التحقيقات الجارية، وقال: “خيانة التحقيق ستكون بالافتراضات، وأنا لم أفعل ذلك، وأردت فقط إعادة الحقائق إلى نصابها”.

