انتقد عدد من نواب البرلمان، خلال جلسة مناقشة مشروع ميزانية وزارة تكنولوجيات الاتصال اليوم الاثنين، التدهور الواضح في تدفق الإنترنت وجودته بمختلف ولايات الجمهورية، مؤكدين وجود مناطق تفقد فيها التغطية تمامًا.
وفي ظل ما وصفوه بـ”تدهور المحتوى الأخلاقي” على المنصات الاجتماعية، دعا بعض النواب إلى وضع آليات قانونية وتقنية لمراقبة الفضاء الرقمي، معتبرين أن الوضع بلغ مستويات تهدد المجتمع والناشئة.
وفي أبرز المقترحات، طالبت إحدى النائبات بـإحداث وحدة استخبارات رقمية تتولى:
- تعقب الصفحات والمحتويات التي تُدار من الخارج
- تحديد مصادر الحملات التي تستهدف رموز الدولة
- التصدي لما تعتبره تهديدًا للسلم الأهلية والاستقرار الاجتماعي
وأكدت النائبة أن الوحدة المقترحة ستكون “ضرورة وطنية” لمواجهة ما وصفته بـ“الحرب الرقمية التي تستهدف تونس”.
ولكن على المستوى القانوني والتقني هل هذا ممكن
وحدات استخبارات رقمية موجودة بالفعل
نعم، توجد وحدات مشابهة في:
- فرنسا: Direction du Renseignement et de la Sécurité de la Défense (DRSD) + DGSI
- ألمانيا: Bundesamt für Verfassungsschutz (BfV)
- بريطانيا: GCHQ
- الولايات المتحدة: NSA + FBI Cyber Division
هذه الوحدات تقوم بـ:
- رصد حملات التضليل
- تعقب الحسابات المموّلة بالخارج
- حماية الأمن القومي من الهجمات الرقمية
- متابعة الحسابات التي تهدد السلم الاجتماعي أو الأمن العام
- لكن كل هذا ليس مطلقًا, بل يخضع لقواعد شديدة.
ما هي الشروط الصارمة التي تفرضها الدول الديمقراطية؟
أمر قضائي إلزامي (Judicial Warrant)
لا يمكن لأي وحدة استخباراتية فتح حساب أو تتبع مصدره أو جمع بيانات شخصية إلا بموافقة قاضٍ مختص.
العمل يقتصر على تهديدات واضحة
مثل:
- الإرهاب
- التحريض على العنف
- التدخل الأجنبي في الانتخابات
- حملات تضليل ممنهجة
- الجريمة المنظمة
وليس التعليقات السياسية أو النقد أو السخرية.
رقابة برلمانية مستقلة
في بريطانيا: لجنة الاستخبارات والأمن (ISC)
في فرنسا: لجنة الرقابة على الاستخبارات
في ألمانيا: G10 Commission
هذه الهياكل تراجع عمل الأجهزة وتمنع التجاوز.
منع تتبع الهوية دون مبرّر
التعقب يتم على أساس السلوك الخطير وليس الآراء.
احترام صارم لقوانين حماية المعطيات
مثل:
- اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR في أوروبا
- قوانين حرية النفاذ إلى المعلومة Freedom of Information Acts
- قوانين الخصوصية Privacy Acts
هذه القوانين تجعل أي تجاوز يعرض الدولة لدعاوى قضائية ضخمة.
من الناحية التقنية — هل يمكن القيام بذلك فعلًا؟
تقنيًا: نعم، لكن مع قيود كبيرة جدًا.
يمكن تعقّب بعض أنواع الصفحات:
- الصفحات التي لا تستخدم أدوات إخفاء متقدمة
- الصفحات التي تعتمد على أنظمة دفع أو خدمات معلومة
- الصفحات التي تترك “بصمة رقمية” عبر خوادم غير آمنة
ولكن:
معظم الصفحات “التي تدار من الخارج” تستخدم:
- VPN
- بروكسيات متعددة
- Tor
- خوادم خارجية محمية بقوانين بلد المنشأ
- حسابات وهمية وبريد مشفّر
- شركات استضافة ترفض مشاركة البيانات إلا بأحكام دولية
في هذه الحالات:
كشف الهوية يصبح شبه مستحيل تقنيًا إلا عبر تعاون دولي أو أخطاء بشرية يرتكبها أصحاب الصفحات.
ماذا يمكن لوحدة تقنية أن تفعله؟
- مراقبة الأنماط والروابط الرقمية
- تحليل العلاقات بين الحسابات
- تتبع حملات التحريض المموّلة
- رصد البوتات والحسابات الآلية
- متابعة الحملات المنسّقة
لكن لا تستطيع ضمان كشف الهوية الحقيقية عندما يكون المشغّل محترفًا.

