أثار قرار مجلس نواب الشعب المتعلق بتوسيع قاعدة المساهمات في منح التقاعد جدلًا واسعًا على المستويين السياسي والمالي، خاصةً مع التعديلات الأخيرة التي صادق عليها 77 نائبًا على الفصل الإضافي (113) من القانون. ويأتي هذا القرار في خرق واضح للقوانين المنظمة للتقاعد في القطاع العام، كما يثير تساؤلات حول المفعول الرجعي للقرار وأثره على ميزانية الدولة.
وفقًا للفصل الجديد، أصبح من حق نواب الشعب الحصول على جرايات تقاعدية بنسبة 30% لنيابة واحدة، و60% لدورتين، و90% لثلاث دورات نيابية، في حين تم إخضاع جميع المنح لحجز لفائدة الصندوق القومي للتقاعد والحيطة الاجتماعية بنسبة 13% مع مساهمة الدولة بنسبة 20,5%. والأغرب من ذلك، هو إعفاء النواب من دفع المساهمات السابقة، مما يرفع علامات استفهام حول العدالة والمساواة في تطبيق قوانين التقاعد.
كما ينص القرار على تمويل جزء من هذه المنح بنسبة 20% من ميزانية الدولة، ما يعني أن العجز الناتج عن هذا النظام سيُغطى من خزينة الدولة، أي من أموال دافعي الضرائب، وهو ما يضيف أعباء مالية إضافية في وقت تعاني فيه المالية العمومية من ضغوط كبيرة وصناديق التقاعد من اختلالات مالية خانقة.
ويطرح التطبيق بمفعول رجعي منذ مارس 2023 إشكالات قانونية وأخلاقية عديدة، إذ لم يتم توضيح ما إذا كان القرار سيشمل جميع النواب السابقين أم يقتصر على فئة معينة، كما أن تطبيقه بأثر رجعي قد يكون مخالفًا لمبادئ العدالة القانونية.
هذا القرار أثار انتقادات من خبراء ماليين وقانونيين، معتبرين أن النظام يضعف التوازنات المالية للصندوق القومي للتقاعد، ويخالف أحكام قانون الميزانية، ويخلق امتيازات استثنائية لأعضاء المجلس تفوق تلك المتاحة للموظفين العموميين. ويضاف إلى ذلك أن مجلس النواب قد حصل في السنة الماضية على منحة إضافية وزيادة مالية بألف دينار صافٍ، ما يزيد من حدة الاستياء.
وهناك تساؤلات مشروعة حول ما اذا كانت إدارة الصندوق القومي للتقاعد القيام بإجراءات الطعن القانونية ضد هذا القرار، وماذا كانت وزارة المالية ستلجأ إلى تفعيل فصول القانون التي تمنع هذا التجاوز، للحفاظ على التوازن المالي وحماية المال العام.
ويطالب المراقبون النواب بتقديم تفسير واضح لهذا الإجراء، والإجابة على أسئلة مهمة: هل يشمل القرار كل النواب السابقين؟ وما حقيقة المفعول الرجعي؟ وهل ستتدخل الدولة لضمان عدم تحميل خزينة الدولة أعباء مالية إضافية غير مبررة؟

