الرئيسيةآخر الأخبارخبير في السياسات الاقتصادية يكشف عن واقع الفسفاط في تونس اليوم

خبير في السياسات الاقتصادية يكشف عن واقع الفسفاط في تونس اليوم

في تدوينة حظيت بتفاعل واسع بين الخبراء والفاعلين الاقتصاديين، وجّه المستشار الجبائي والخبير في السياسات الاقتصادية حسام سعد

تشخيصًا صادمًا لوضع قطاع الفسفاط في تونس، معتبرًا أن البلاد أصبحت خارج الخريطة العالمية للفسفاط ومشتقاته، بعد أن كانت قبل عقود من أبرز منتجيه ومصدّريه في العالم.

سعد، الذي راكم تجربة دولية تفوق عشر سنوات في مجال الاستشارات المالية، أشار إلى أن أكبر بحث دولي صدر في أوت 2025 حول السوق العالمية للفسفاط والأسمدة — من إعداد باحث إسباني — لم يأتِ على ذكر تونس لا تصريحًا ولا تلميحًا، رغم تناوله أكثر من عشرين دولة من كبار الفاعلين والمصدرين والمستوردين في هذا القطاع.

وكتب الخبير قائلاً إن “تونس اليوم خارج الحسابات والموازنات الدولية لسوق الفسفاط”، مضيفًا أن ما تبقّى للبلاد هو “جزء من السوق الإيطالية وبعض الفتات الناتج عن العقوبات المفروضة على الصين وروسيا”، وهي كميات محدودة لا تُقاس بآفاق الدول المنافسة ولا تظهر حتى على الخرائط التجارية العالمية.

شروط المنافسة غائبة

وفق سعد، فإن إنتاج الأسمدة اليوم يتطلب مخزونًا وطنيًا من الفسفاط، وموارد من الغاز الطبيعي، وقدرة مالية على الاستثمار، وبنية تحتية متطورة، ووزنًا دبلوماسيًا وجيو-استراتيجيًا.
ويضيف بمرارة: “نحن لم نعد نملك أيًا من هذه الشروط”.

كما اعتبر أن المجمع الكيميائي التونسي تحوّل إلى عبء اقتصادي، وأن “السموم التي تقتل أهالي قابس لا تملك أي مبرر اقتصادي أو استراتيجي”، في إشارة إلى التلوث الصناعي المزمن الذي تعاني منه المنطقة دون مردودية واضحة.

دعوة لإعادة التموضع

ويرى الخبير أن الحل لا يكمن في “الحنين إلى الماضي” بل في إعادة توجيه الجهود نحو الصناعات المتخصصة ذات القيمة المضافة العالية، بالاعتماد على كفاءات تونسية في الهندسة والتسويق، وبإنشاء نسيج من المؤسسات الصغرى والمتوسطة حول ميناء قابس.

ويختم حسام سعد تدوينته بدعوة صريحة إلى واقعية اقتصادية:”النقاش الاقتصادي والسياسي إذا كان بمعزل عن ما يجري في العالم، فهو ضرب من الغوغاء والثرثرة لا أكثر ولا أقل.”

تتقاطع ملاحظات حسام سعد مع تقارير محلية ودولية تشير إلى تراجع غير مسبوق في إنتاج الفسفاط التونسي خلال العقد الأخير، حيث لم تستعد شركة فوسفاظ قفصة مستوياتها التاريخية رغم الاستقرار النسبي في الحوض المنجمي.
وتواجه الحكومة صعوبات في تنفيذ خطط إعادة هيكلة المجمع الكيميائي التونسي الذي يثقل ميزانية الدولة دون تحقيق القيمة المضافة المرجوة، في وقت تتسارع فيه المنافسة الإقليمية من المغرب وموريتانيا وحتى السنغال.

كما أن غياب رؤية وطنية موحدة لتطوير الصناعات التحويلية ذات الصلة بالفسفاط — كإنتاج الأسمدة عالية الجودة أو المواد الكيماوية المتقدمة — جعل تونس تفوّت فرصة تاريخية للاستفادة من الطلب العالمي المتزايد على الفسفاط والمنتجات المشتقة منه، خاصة في ظل التحول الطاقي العالمي وارتفاع أسعار الأسمدة.

ويؤكد خبراء أن إنقاذ القطاع يتطلب قرارًا سياسيًا جريئًا: إعادة هيكلة المجمع الكيميائي، فتح المجال للاستثمار الخاص، وتوجيه الموارد نحو الابتكار والتحويل الصناعي بدل الاقتصار على تصدير المادة الخام.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!