في ختام عشرة أيام من المشاورات الماراثونية في قصر الأمم، وفشل جولة مفاوضات استمرت على مدى أربعٍ وعشرين ساعة متواصلة من صباح الخميس إلى صباح الجمعة، أخفقت 184 دولة مشاركة في التوصل إلى اتفاق جماعي بشأن مشروع معاهدة دولية للحد من التلوث البلاستيكي.
الخلافات برزت بوضوح بين الدول المتقدمة تكنولوجيًا، وعلى رأسها النرويج وكندا و أستراليا و الاتحاد الأوروبي، التي تمسكت بهدف حظر استخدام البلاستيك، وبين الدول المنتجة للبترول أو المصنعة للبلاستيك، وفي مقدمتها السعودية وإيران والهند، التي طالبت بإدراج قطاع إعادة التدوير وتخفيف القيود على التصنيع والاستخدام.
المملكة العربية السعودية، بوفد تفاوضي يفوق عشرة أعضاء ذوي خبرة، قادت الموقف العربي مدعومة بالمجموعة الخليجية والجزائر، مع تنسيق لافت للأدوار بين رئيسة الوفد والدول الخليجية الأخرى، وخاصة قطر والإمارات والكويت والبحرين.
على الجانب الإفريقي، لعبت غانا دور القيادة، بدعم واسع من الدول الإفريقية الساحلية والحبيسة، في الدفاع عن مقترحات طموحة لحماية القارة من مخاطر البلاستيك، كما حظي مقترح كينيا لاحتضان المقر التنفيذي للاتفاقية بدعم إفريقي وآسيوي وأمريكي جنوبي، في غياب ملحوظ لصوت دول شمال إفريقيا.
الدبلوماسية الماليزية برزت بمرافعة قوية عن حق الدول النامية في بيئة نظيفة، مع الدعوة لتضامن دولي وتمويل الانتقال من اقتصاد قائم على البلاستيك إلى اقتصاد خالٍ من التلوث، ودعم البحث العلمي ونقل التكنولوجيا.
الدول الجزرية الصغيرة، بقيادة توفالو وبالاو، والدول الحبيسة النامية المعزولة عن التجارة البحرية، كانت أيضًا حاضرة بقوة في المفاوضات.
أما الدول الغربية، فاعتمدت خطابًا يرتكز على الأدلة العلمية والضغط الشعبي ومنظمات حماية البيئة، في حين شددت الدول الخليجية والدول المنتجة للبترول على ضرورة التشاور وإتاحة الفرصة لجميع الأطراف للوصول إلى توافق.
وتشير مجريات المفاوضات إلى فجوة واضحة بين إمكانيات الوفود الغربية المدعومة بمراكز الأبحاث والمجتمع المدني، ونظيراتها العربية التي تفتقر إلى هذا الإسناد، ما يعيد طرح الحاجة الملحة إلى دعم الحكومات العربية لمراكز البحث والدراسات الاستراتيجية وتيسير أعمالها.

