خلال الأشهر الماضية، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية التونسية أخبارٌ وتدوينات تشير إلى أن المهندسة التونسية رانيا التوكابري تشارك بشكل مباشر في مهمة “أرتميس 2” الخاصة بوكالة ناسا للاستكشاف القمري.
وتناقلت كثير من الصفحات والمنابر الإعلامية تهاني وفخر بهذا “الإنجاز الوطني”، لكنها أغفلت التحقق من التفاصيل الحقيقية وراء هذه المشاركة.
أولاً، تؤكد وكالة ناسا، عبر موقعها الرسمي، أن فريق رواد الفضاء المختارين للمهمة لا يتضمّن أي اسم تونسي، حيث يقتصر الذكر على أربعة رواد فضاء مع ذكر الشركاء من الوكالات العالمية مثل وكالة الفضاء الأوروبية، من دون ذكر موظفين تقنيين أو مهندسين محددين. ومع ذلك، لا تُعطى عادةً تفاصيل عن كل أعضاء فرق الدعم والتقنيات، إذ يركّز الإعلان الرسمي على الطاقم الأساسي والشركاء الدوليين في إطار المهام الكبيرة مثل “أرتميس 2”.
ثانياً، معظم المصادر التي أشارت إلى مشاركة رانيا التوكابري اعتمدت على تصريحاتها الإعلامية أو على تقدير مساهمتها ضمن فريق وكالة الفضاء الأوروبية، حيث شاركت في تطوير بعض الأنظمة المتعلقة بمركبة “أوريون”. في مقابلات إذاعية وتلفزيونية مع رانيا، أكدت أن دورها انحصر في المساهمة الهندسية، ولم يُذكر رسمياً على موقع وكالة ناسا أو في أي وثيقة من وثائق البرنامج أنها أحد أفراد الطاقم الأساسي أو من كادر ناسا الرئيسي.
ثالثاً، بعض المنتديات والمدونات والشبكات الاجتماعية لفتت إلى مبالغة واضحة في بعض الأخبار، كما لاحظ بعض المستخدمين أن الصور المتداولة للمهندسة بالتجهيزات الفضائية تم التقاطها في مناسبات عامة أو تدريبات محاكية يمكن لأي شخص حضورها بتكلفة محددة، وليس ضمن بروتوكول رسمي خاص برواد أو كوادر “أرتميس 2”.
في الختام، المشاركة الحقيقية لرانيا التوكابري تقتصر على دورها كمهندسة لدى وكالة الفضاء الأوروبية في برامج متعلقة بتطوير أنظمة الفضاء. أما الإعلان عن وجودها كعضو رسمي في بعثة “أرتميس 2” فهو مبالغ فيه واندفع فيه كثيرون رغبةً في الاحتفاء بإنجاز وطني غير مدقق. وينبغي على وسائل الإعلام والجمهور التونسي توخي الدقة، والتحقق من مصادر المعلومات قبل الإسهام في نشر الإشاعات أو تضخيم الحقائق.
