ضمن محور دعم القدرة الشرائية في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، قررت الحكومة الترفيع في الأجور والمرتبات في القطاعين العام والخاص، إضافة إلى جرايات المتقاعدين، وذلك بعنوان السنوات 2026 و2027 و2028، وفق ما نصّ عليه الفصل 15 من المشروع.
ويؤكد الفصل نفسه أنّ ضبط نسب الترفيع سيتمّ بمقتضى أمر في خطوة تعكس نية السلطة التنفيذية في اعتماد آلية قانونية مباشرة لتنفيذ الزيادات.
لكنّ السؤال المطروح اليوم هو: من سيحدد النسبة فعليًا؟
هل ستعلن الحكومة من جانب واحد عن مقدار الزيادة دون المرور عبر التفاوض الاجتماعي؟
أم أنّ البلاد ستشهد خلال الأسابيع المقبلة سلسلة من المفاوضات بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل لضبط النسب ومراحل التدرّج، خصوصًا أنّ الاتحاد يعتبر نفسه طرفًا أساسيًا في أي تعديل للأجور يمسّ العاملين في الوظيفة العمومية والقطاع العام؟
نظريًا، ووفق العرف الاجتماعي السائد، يُنتظر أن يتمّ تحديد نسبة الزيادة قبل غرة ماي القادم، تزامنًا مع عيد الشغل، حيث درجت الحكومات السابقة على استغلال المناسبة للإعلان عن إجراءات اجتماعية لفائدة الأجراء والمتقاعدين.
في المقابل، يبقى الوضع في القطاع الخاص أكثر تعقيدًا، إذ لا يمكن تطبيق أي زيادة إلاّ بعد التوصل إلى اتفاق مشترك بين اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف ضمن ما يُعرف بالاتفاقيات القطاعية المشتركة، التي تحدد سلم الزيادات في الأجور بحسب القطاعات الاقتصادية.
وبين انتظار المفاوضات وصلاحيات الحكومة، يبدو أنّ الزيادات المقررة على الورق ستخضع في الواقع إلى تجاذب ثلاثي الأطراف بين الدولة، والنقابات، ومنظمات الأعراف، في ظل أوضاع مالية دقيقة وضغط متزايد على ميزانية 2026.

