أكثر من عام كامل مضى منذ أن أُوقف الوزير السابق للفلاحة، سمير الطيب، في نوفمبر 2024، وما زال يقبع في السجن بانتظار نتائج الاختبار القضائي الذي أُذن بإجرائه يوم 25 نوفمبر 2024. وكان من المفترض أن تُنجز هذه المهمة خلال أربعة أشهر، لكنها تجاوزت العام دون أن يصدر الخبراء أي تقرير.
تؤكد محاميته، الأستاذة منية العابد، أن ملف موكلها خالٍ من أي مخالفة، وأن ما يُنسب إليه كان عملاً إداريًا بحتًا لا يرقى إلى مستوى الجريمة. ويشير الملف إلى الموافقة الإدارية على إعادة جدولة ديون بعض الفلاحين المتعثرين خلال موسمي 2017–2018، وهو إجراء قانوني وذو طابع اجتماعي، تمّ اتخاذه قبل فترة إشراف الوزير وبعدها دون أي إشكال.
وتضيف العابد أن الوزير لا يمتلك صلاحيات تسيير الأراضي الفلاحية أو تحديد الديون، إذ تقتصر مهامه على الوصاية الإدارية والتجارية على المؤسسات العمومية، ما يجعل ربطه بالوقائع الحالية خارج السياق القانوني والصلاحيات الحقيقية.
وتبرز المحامية مفارقة مؤلمة، إذ أن خلفه في الوزارة واصل سياسات جدولة الديون نفسها دون أي مساءلة، بينما لا يزال سمير الطيب في السجن، رغم أن الملف خالٍ من أي فساد أو استغلال نفوذ أو إثراء غير مشروع.
يذكر ان وزير الفلاحة الحالي اكد خلال جلسة انعقدت في البرلمان في جويلية الماضي على حرص الموزارة على معالجة المديونية المتراكمة عبر جدولة ديون الفلاحين وتوفير شروط سداد مشجعة.
وفي أفريل الماضي دعا كمال المؤدب، المكلف بتسيير الإدارة العامة للهندسة الريفية واستغلال المياه بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، الفلاحين إلى الانخراط في برنامج استخلاص المديونية وجدولة الديون، خاصة مع بلوغ حجم الديون المتخلدة حوالي 100 مليون دينار.
وأكد المؤدب،أن المندوبيات الجهوية للفلاحة تجد نفسها عاجزة عن التدخلات الضرورية بسبب تراكم هذه الديون، مشيرًا إلى أن الوزارة توفر إمكانية جدولة الديون على فترة تصل إلى 5 سنوات.
والأمر الأكثر إثارة للدهشة، بحسب العابد هو التباين في التعامل مع أطراف الملف، حيث غادر رجل الأعمال عبد العزيز المخلوفي — المتهم الرئيسي — السجن في نوفمبر 2025 بعد دفع كفالة غير مسبوقة بلغت 50 مليون دينار، في حين يبقى الوزير السابق رهين الانتظار مع جراية تقاعد بسيطة، وسط تأخير قضائي يُعتبر جحيمًا غير مبرر وخارج كل الآجال القانونية.

