تحيي تونس اليوم، 25 نوفمبر 2025، الذكرى العاشرة لأحد أكثر الأحداث إيلامًا في تاريخها الحديث: تفجير حافلة الأمن الرئاسي الذي وقع في قلب العاصمة يوم 24 نوفمبر 2015، وخلّف حينها 12 شهيدًا و16 مصابًا من عناصر الأمن الذين كانوا يؤمّنون حماية مؤسسات الدولة.
في مساء ذلك اليوم، انفجرت عبوة ناسفة داخل حافلة كانت تسير في شارع محمد الخامس، على بُعد أمتار من المقر القديم للتجمع الدستوري الديمقراطي.
شكّل الانفجار صدمة وطنية، ودفع رئيس الجمهورية آنذاك الباجي قائد السبسي إلى إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر تجوّل ليلي في كامل تونس الكبرى، في إجراءات لم تشهدها العاصمة منذ عقود.
سياق إقليمي ومحلي شديد التوتر
جاء الهجوم في مناخ إقليمي مضطرب، وفي فترة كانت تشهد تصاعدًا كبيرًا في العمليات الإرهابية على مستوى العالم.
وكانت تونس نفسها قد أعلنت قبل أيام قليلة إيقاف 17 عنصرًا متشدّدًا كانوا يخططون لهجمات واسعة تستهدف فنادق ومراكز أمنية.
وعلى المستوى الدولي، وقع التفجير وسط سلسلة اعتداءات هزّت عواصم العالم:
- هجمات باريس (13 نوفمبر 2015)
- تفجيرا بيروت
- هجوم فندق باماكو
على الصعيد الداخلي أيضًا، كانت البلاد ما تزال تحت وقع جريمة قتل الشاب مبروك السلطاني في جبل مغيلة، وهي الحادثة التي أثارت غضبًا واسعًا ودفعت المؤسستين الأمنية والعسكرية إلى تكثيف العمليات في المرتفعات الغربية.
تحديد المنفّذ بعد يومين
بعد تحقيقات أمنية مكثفة، أعلنت وزارة الداخلية يوم 26 نوفمبر 2015 أن منفّذ العملية هو حسام العبدلي، شاب تونسي من مواليد 1988 ويقطن في دوار هيشر، وكان يعمل كبائع متجول.
وقد تم التعرف على هويته عبر التحاليل البيولوجية، بعد العثور على بقايا جثة داخل الحافلة المتضررة.
ضحايا الهجوم: وجوه لا تُنسى
الهجوم خلّف 12 شهيدًا من الأمن الرئاسي، رجال كانوا في مهمة عمل اعتيادية لحماية الدولة، لكنهم أصبحوا في ساعات قليلة عنوانًا للتضحية في مواجهة الإرهاب.
اليوم، وبعد عشر سنوات، ما تزال عائلاتهم تقف شاهدة على ثمن الأمن الذي دفعته تونس خلال الحرب على الإرهاب.
عقدٌ من التحولات الأمنية
عشر سنوات بعد الحادثة، تغيّر المشهد الأمني في تونس:
- تحسّن في قدرات الاستخبارات والاستباق
- تعاون دولي أكبر في مكافحة الإرهاب
- تقلّص عدد الهجمات مقارنة بسنوات 2013–2016
- تعزيز الإطار التشريعي والتنظيمي للحرب على التطرف
ورغم ذلك، تبقى ذاكرة 24 نوفمبر حاضرة بقوة، باعتبارها يومًا أعاد رسم أولويات الدولة وفتح صفحة جديدة في مواجهة الإرهاب.
مع حلول الذكرى العاشرة، تعود تونس لتستحضر لحظة مفصلية تذكّر بأن الأمن كان — وما يزال — من أبرز مكاسب الدولة الحديثة.
وتتواصل دعوات عائلات الضحايا والمنظمات الوطنية لمزيد دعم أعوان الأمن وتحسين ظروفهم الاجتماعية والنفسية، وتطوير سياسات المواجهة الشاملة للتطرف.
ويبقى تفجير حافلة الأمن الرئاسي علامة فارقة في تاريخ البلاد، وذكرى محفورة في وعي التونسيين بأن الحرب على الإرهاب معركة طويلة، لكنّها ليست مستحيلة.

