وسط ارتفاع مقلق لحالات الانتحار ومحاولاته في تونس خلال النصف الأول من سنة 2025، كشف تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (FTDES) عن تفاصيل صادمة تتعلق بـالوسائل التي يعتمدها التونسيون لوضع حدّ لحياتهم، في ظل تدهور الأوضاع النفسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
وبحسب التقرير، فإن الوسائل الأكثر شيوعًا شملت:
1. الشنق (الاختناق بالحبل أو بوسائل بديلة):
يُعدّ الشنق أكثر الطرق استخدامًا في حالات الانتحار، نظرًا لتوفر وسائله وسرعة تنفيذه. وقد تم تسجيل عدد كبير من الحالات التي وقعت داخل المنازل أو في أماكن معزولة، غالبًا دون إشارات إنذار مسبقة.
2. الإضرام في الجسد (الانتحار حرقًا):
لا تزال هذه الوسيلة تعبّر عن احتجاج رمزي عنيف، تُستخدم غالبًا في الفضاءات العامة وقد ارتبطت سابقًا بأحداث مفصلية في تونس،
3. تناول مواد سامة أو أدوية:
يلجأ البعض، خاصة من النساء والمراهقين، إلى تناول مبيدات فلاحية، مواد تنظيف منزلية، أو جرعات زائدة من الأدوية، سواء في المنازل أو داخل المؤسسات التربوية. وتبقى هذه الوسيلة الأكثر استخدامًا في محاولات الانتحار غير المكتملة.
4. أماكن التنفيذ:
أفاد التقرير أن عمليات الانتحار تحصل بالدرجة الأولى داخل المنازل، مما يجعل اكتشافها متأخرًا، بينما تم تسجيل عدد من الحالات في الفضاءات العامة، أمام مراكز الشرطة، المؤسسات التعليمية، والأسواق، في ما يبدو وكأنه نداء أخير للاهتمام أو شكل من أشكال الاتهام العلني للمجتمع والدولة.
يرى خبراء الصحة النفسية أن اختيار وسيلة الانتحار يعكس مستوى الألم النفسي، والرسائل الضمنية التي يودّ المنتحر إيصالها. فالحرق والشنق يعبران عن يأس مطلق، في حين تشير محاولات الانتحار عبر الأدوية أو السموم أحيانًا إلى طلب استغاثة مؤجل.
وفي ظل غياب الدعم النفسي العمومي، وندرة الخطط الوطنية للتوقي من الانتحار، تتكرّر هذه المآسي، في صمت وقلق، دون أن تثير ما يكفي من الجدل السياسي أو الإعلامي.
وجدد المنتدى دعوته إلى إصلاح شامل للمنظومة الصحية والنفسية، وإلى اعتماد سياسات وقائية فعّالة تقوم على الإنذار المبكر والتدخل السريع، إلى جانب دعم المجتمع المدني والمنظمات الناشطة في مجال الصحة النفسية، خصوصًا في الجهات الداخلية الأكثر هشاشة وتهميشًا.
