أعادت حادثتان متتاليتان شهدتهما إيطاليا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي الجدل الحاد حول استخدام جهاز الصعق الكهربائي التازر من قبل قوات الأمن، بعد وفاة رجلين في غضون أقل من 48 ساعة إثر تدخلات أمنية استُخدم فيها هذا السلاح غير الفتاك.
الحادثتان وقعتا على التوالي في أولبيا (سردينيا) وجنوة، وتسببتا في صدمة لدى الرأي العام، ودفعت السلطات القضائية إلى فتح تحقيقين منفصلين بتهمة القتل غير العمد ضد عناصر الكارابينييري (الدرك الإيطالي).
في الساعات الأولى من فجر الأحد 17 أوت 2025، تدخلت قوات الكارابينييري في حي سانتا مارييدا بمدينة أولبيا بعد تلقيها بلاغات عن رجل في حالة هيجان يهاجم المارة ويثير الذعر في الشارع.
الضحية هو جيانباولو دي مارتيس، يبلغ من العمر 57 عامًا، أصيل مدينة ساساري والمقيم في أولبيا. ووفق المعطيات الأمنية، كان في حالة غير طبيعية يُرجّح أنها ناجمة عن استهلاك الكحول أو المخدرات.
أثناء التدخل الأمني، أصيب أحد عناصر الكارابينييري بجروح في الوجه، ما دفع زملاءه إلى استخدام التازر للسيطرة على الرجل. ورغم تدخل طاقم الإسعاف الذي حاول إنعاشه، فقد توفي دي مارتيس داخل سيارة الإسعاف نتيجة أزمة قلبية، علمًا وأن عائلته أكدت أنه كان يعاني من مرض قلبي مزمن.
نيابة تيمبيو باوزانيا فتحت تحقيقًا بتهمة القتل غير العمد، ووجهت أصابع الاتهام مبدئيًا إلى قائد الدورية والعنصر الذي استعمل التازر. ومن المنتظر أن يُجرى تشريح للجثة يوم الخميس لتحديد السبب الدقيق للوفاة.
من جانبها، أكدت نقابة الكارابينييري (Sic) أن رجال الأمن تصرفوا وفق القواعد المعمول بها، وأنهم وجّهوا عدة تحذيرات للضحية قبل استعمال الجهاز الكهربائي، مشددة على أن اللجوء إلى التازر كان يهدف إلى تجنب استعمال السلاح الناري.
بعد أقل من يومين، تكرر المشهد في بلدة مانيسينو التابعة لسانت أولشيزي قرب جنوة، حيث لقي إلتون باني، رجل ألباني يبلغ من العمر 41 عامًا ويعمل عامل بناء، حتفه بعد تدخل الكارابينييري.
ووفق التحقيقات الأولية، كان باني في حالة تهيج شديد داخل فناء منزله، حيث ألقى أشياء وهدّد الجيران وحتى طاقم الإسعاف الذي حضر أولًا إلى المكان. ومع تعذر تهدئته، تدخلت دورية من أربعة عناصر من الكارابينييري. وبعد محاولات غير ناجحة لإقناعه بالهدوء، استُخدم التازر ضده ثلاث مرات، حيث سقط في المرة الثالثة وفقد وعيه.
رغم نقله بسرعة إلى سيارة الإسعاف، إلا أنه أصيب بسكتة قلبية وفارق الحياة بعد وقت قصير. النيابة العامة في جنوة فتحت تحقيقًا بدورها بتهمة القتل غير العمد، وأدرجت اثنين من رجال الأمن في سجل المشتبه بهم لتمكينهم من المشاركة في التحقيق الفني والطبي. وقد تقرر إخضاع الجثة لتشريح للكشف عن الأسباب المباشرة للوفاة.
الحادثتان أعادتا إلى الواجهة النقاش المتواصل في إيطاليا حول مدى أمان استخدام التازر كأداة لضبط الأمن، خاصة عندما يتعلق الأمر بأشخاص في حالة صحية هشة أو تحت تأثير مواد مخدرة.
فبينما تؤكد نقابات الأمن أن التازر أداة ضرورية لتفادي اللجوء إلى الأسلحة النارية، يعتبر منتقدوه أنه قد يتسبب في مضاعفات قاتلة، خصوصًا لمرضى القلب أو الأشخاص في حالات غير مستقرة.
في تعليق رسمي، قال وزير الداخلية الإيطالي:”وفاة شخصين في أقل من أسبوع بعد استخدام التازر أمر مؤلم للغاية، لكن لا يجب أن تتحول هذه المآسي إلى وسيلة لتشويه صورة قوات الأمن.
التحقيقات ستأخذ مجراها لتحديد الحقائق والمسؤوليات، لكننا نؤكد ثقتنا في مهنية رجال الكارابينييري الذين يواجهون أوضاعًا خطرة يوميًا لحماية المواطنين. إن التازر يبقى أداة ضرورية لتجنب استخدام السلاح الناري، مع التأكيد على ضرورة تطبيق أقصى درجات الحذر عند التعامل مع أشخاص يعانون من هشاشة صحية.”

