الرئيسيةآخر الأخبارجريمة القيروان تعرّي واقعًا مرعبًا: 145 ألف مشعوذ مقابل 29 ألف طبيب...

جريمة القيروان تعرّي واقعًا مرعبًا: 145 ألف مشعوذ مقابل 29 ألف طبيب في تونس

في حادثة صادمة هزّت مدينة القيروان والرأي العام الوطني، أقدم شاب يبلغ من العمر 29 عامًا على اقتلاع عيني زوجته البالغة من العمر 26 عامًا باستخدام شوكة مطبخ، مدفوعًا بوهم العثور على كنز مزعوم، أوهمه به أحد المشعوذين. هذه الحادثة هي واحدة من العديد من الوقائع التي تعكس تزايد ظاهرة الشعوذة والخرافات في المجتمع التونسي.

الشعوذة في تونس: الواقع والإحصائيات
حسب دراسة قام بها الباحث التونسي في علم الاجتماع زهير العزوزي في عام 2016، تم الإشارة إلى وجود 145 ألف مشعوذ في تونس. هذه الإحصائية تثير العديد من التساؤلات حول مدى انتشار هذه الظاهرة في المجتمع التونسي، خاصة عندما يُقارن عدد المشعوذين بعدد الأطباء المسجلين في عمادة الأطباء، والذين يبلغ عددهم نحو 29 ألف فقط. هذا يوضح أن ظاهرة الشعوذة قد تكون أكثر انتشارًا مقارنةً بمهنة الطب في تونس.

أسباب اللجوء إلى المشعوذين:

  1. البحث عن حلول سريعة:
    يلجأ البعض إلى المشعوذين بسبب قلة الثقة في الطب التقليدي أو بسبب رغبتهم في الحصول على نتائج سريعة وسهلة. في بعض الأحيان، يكون الشخص يعاني من مرض مزمن أو حالة نفسية قد لا يجد لها علاجًا فعالًا في الأوساط الطبية، مما يدفعه للبحث عن حلول “سحرية”.
  2. الجهل والتقاليد:
    من الأسباب الرئيسية التي تجعل بعض الأفراد يلجأون إلى المشعوذين هو الجهل والتقاليد القديمة التي تحث على الاعتقاد بقوى خارقة أو سحرية. هذه المعتقدات قد تنتقل من جيل إلى جيل، مما يسهم في استمرار هذه الظاهرة.
  3. المشاكل النفسية:
    يعاني بعض الأشخاص من مشاكل نفسية، مثل الاكتئاب أو القلق، ويرون أن الشعوذة قد تكون الوسيلة الوحيدة للتخلص من هذه المشاكل. المشعوذون قد يوهمونهم بأن لديهم القدرة على الشفاء أو تحسين وضعهم الاجتماعي والنفسي.
  4. الضغوط الاجتماعية والاقتصادية:
    الحياة في تونس، كما في العديد من البلدان الأخرى، تتسم بالضغوط الاجتماعية والاقتصادية، مما يؤدي إلى تزايد اللجوء إلى المشعوذين. بعض الأفراد يعتقدون أن هناك “كنزًا مخفيًا” أو وسيلة سحرية لتحسين وضعهم المالي أو الاجتماعي، ولذلك قد يذهبون للمشعوذين الذين يزعمون أنهم قادرون على كشف هذا الكنز.

التأثيرات السلبية للشعوذة:

  1. تدمير الحياة الاجتماعية:
    كما في حالة الجريمة التي وقعت في القيروان، يمكن أن تؤدي الخرافات والمعتقدات المغلوطة إلى تدمير الحياة الأسرية والاجتماعية. الاعتقاد بأن هناك كنزًا مخفيًا أو بأن شخصًا ما يعاني من سحر يمكن أن يدفع البعض إلى اتخاذ قرارات متهورة وخطيرة.
  2. التأثير على الصحة النفسية:
    يمكن أن يؤدي اللجوء إلى المشعوذين إلى تفاقم المشاكل النفسية، حيث يصبح الشخص أكثر عرضة للوساوس والتوهمات التي تؤثر على تفكيره وسلوكه. وقد تزداد الأمور تعقيدًا إذا كان الشخص لا يحصل على العلاج النفسي أو الطبي الذي يحتاجه.
  3. استغلال الأموال:
    المشعوذون يستغلون جهل الناس ويطلبون منهم أموالًا طائلة مقابل خدمات غير مجدية، مما يعمق من معاناتهم الاقتصادية ويزيد من إحساسهم باليأس.

استغلال القنوات التلفزية للمشعوذين والدجالين لرفع نسب المشاهدة:


في ظل التنافس الكبير بين القنوات التلفزية المحلية والعربية من أجل جذب المشاهدين وزيادة نسب المشاهدة، بدأ بعض الإعلاميين والقنوات في استدعاء مشعوذين ودجالين للمشاركة في برامج حوارية تتناول مواضيع علمية وصحية، لا يفقه فيها هؤلاء المشعوذون شيئًا. هذا الاتجاه يعكس ظاهرة خطيرة تهدد بتعميق الجهل والخرافات في المجتمع، وتزيد من سلطة هؤلاء الدجالين على الفئات المغفلة، ما يفاقم من مشكلات الصحة النفسية والاجتماعية.

تأثير استضافة المشعوذين في البرامج التلفزيونية:

  1. زيادة النفوذ لدى المشاهدين المغفلين:
    عندما يستدعي الإعلام مشعوذين أو دجالين للحديث في مواضيع علمية، فإنهم يمنحونهم سلطة معنوية على المشاهدين، خصوصًا أولئك الذين يفتقرون إلى المعرفة العلمية أو الذين يتأثرون بسهولة بالأفكار غير المنطقية. هذه السلطة قد تجعل من المشعوذ أو الدجال “مرجعية” للعديد من الأشخاص في مسائل من المفترض أن تكون محجوزة لأصحاب الاختصاص.
  2. إضفاء الطابع العلمي على الخرافات:
    يشتهر بعض المشعوذين والدجالين بلغة علمية مزيفة تجعل كلامهم يبدو مقنعًا بالنسبة للمشاهدين العاديين. قد يضيفون مصطلحات علمية وهمية أو يشيرون إلى “تجارب” غير مثبتة علميًا، ما يؤدي إلى تضليل المشاهدين وإعطائهم انطباعًا خاطئًا عن مصداقية ما يقوله هؤلاء الأشخاص.
  3. تعميق الخرافات في المجتمع:
    عندما يظهر هؤلاء المشعوذون والدجالون في وسائل الإعلام، فإنهم يعززّون من انتشار الخرافات والأفكار المغلوطة في المجتمع. هذا يعمق الجهل ويجعل بعض الأفراد أكثر عرضة للاعتقاد بممارسات سحرية أو غير علمية قد تؤدي إلى أضرار صحية ونفسية.
  4. تعريض الصحة العامة للخطر:
    في بعض الأحيان، قد يتم استدعاء هؤلاء الدجالين للحديث عن “علاج” الأمراض باستخدام الطرق السحرية أو الممارسات الغريبة، وهو ما يشكل خطرًا على صحة الأفراد. بدلاً من البحث عن العلاج الطبي الصحيح، يمكن أن يقود هذا الأشخاص إلى تأجيل العلاج الطبي التقليدي أو اتباع طرق غير فعّالة قد تزيد من معاناتهم.
مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!