سجّل العجز التجاري لتونس خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025 ارتفاعًا لافتًا، ليبلغ 16.7 مليار دينار مقابل 13.5 مليار دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، وفق ما أكده الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي في قراءة تحليلية نشرها اليوم.
وأوضح الشكندالي أنّ الاقتصاد التونسي لا يشتغل بكل محركاته، مشيرًا إلى أنّ محرّك الصادرات شبه متوقف وأصبح يشكّل عائقًا أمام النمو الاقتصادي، إذ لم تتجاوز قيمة الصادرات 46.4 مليار دينار، أي نفس المستوى المسجّل العام الماضي، في حين ارتفعت الواردات بـ3.2 مليارات دينار لتبلغ 63.1 مليار دينار، وهو ما يفسر اتساع العجز التجاري بنفس القيمة.
وأشار إلى أنّ تفاقم العجز التجاري يهدد استقرار قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، باعتبار أن تمويل هذا العجز سيكون على حساب الموجودات من العملة الصعبة، وهو ما قد يدفع نحو الاقتراض الخارجي مجددًا، في تناقض واضح مع سياسة الحكومة القائمة على ما تسميه “الاعتماد على الذات”.
وفي المقابل، لاحظ الشكندالي أن ارتفاع واردات مواد التجهيز (+16.2%) والمواد الأولية ونصف المصنّعة (+8.1%) يمكن أن يشكل إشارة إيجابية على المدى المتوسط والبعيد من خلال تحريك الاستثمار والإنتاج.
وبيّن أن العجز الطاقي يمثل قرابة نصف العجز التجاري بقيمة 8.1 مليارات دينار، مشيرًا إلى أن الجزء الأكبر من هذا العجز يعود إلى واردات الغاز من الجزائر، وهو ما “يعكس مدى ارتباط تونس طاقيًا بالجزائر ويفرض التسريع في تنفيذ برنامج الطاقات المتجددة لتقليص هذا الارتباط الخطير”، وفق تعبيره.
كما كشف الخبير أن تونس حققت فائضًا تجاريًا بقيمة 7.6 مليارات دينار مع ثلاث دول فقط هي فرنسا (4 مليارات) وألمانيا (2 مليار) وليبيا (1.6 مليار)، مشددًا على أن هذا الفائض “خفّف من ثقل العجز العام، الذي كان سيبلغ 24.3 مليار دينار لولا هذه الشراكات”.
أما بخصوص العلاقات التجارية مع دول منظمة “البريكس”، فأشار الشكندالي إلى أن تونس سجّلت معها عجزًا يفوق 16.7 مليار دينار عند احتساب الجزائر ضمن المجموعة، منها 8.3 مليارات مع الصين، و3.3 مليارات مع روسيا، ومليار دينار مع كل من الهند والبرازيل، و3.1 مليارات مع الجزائر، معتبراً أن هذه الدول “هي المتسببة الأولى في تآكل احتياطي تونس من العملة الصعبة وفي الضغط على استقرار الدينار”.
