حذّر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، خلال حضوره في إذاعة إكسبريس أف أم، من الانهيار غير المسبوق في نسبة الادخار الوطني التي تراجعت إلى 5.7% سنة 2024 بعد أن كانت في حدود 23.5% سنة 2001، مؤكّدًا أن هذا التراجع يهدّد قدرة الاقتصاد التونسي على تمويل الاستثمار والاعتماد على موارده الذاتية.
وأوضح أن نسبة الادخار تحتسب بالاعتماد على ادخار العائلات والجماعات العمومية فقط، باعتبار أن الشركات المالية وغير المالية لا تمتلك استهلاكًا نهائيًا، وبالتالي يساوي دخلها المتاح الخام ادخارها الخام. واستند الشكندالي إلى الحسابات الوطنية للمعهد الوطني للإحصاء، ليبيّن أن تدهور الادخار الوطني مرتبط أساسًا بتراجع نمو الدخل الوطني المتاح بالأسعار الثابتة من 9.1% خلال الفترة 2001–2010 إلى 8% بين 2010 و2019، ثم إلى 5.7% فقط خلال 2019–2024، في حين حافظ الاستهلاك على نسق نمو مساوٍ أو أعلى من نسق الدخل، ما أدى إلى تآكل الادخار.
وبخصوص العائلات التونسية، أكد أن ادخارها كان مستقرًا قبل الثورة بين 11.6% سنة 2001 و11.3% سنة 2010، ثم تراجع إلى 9.7% سنة 2019 قبل أن ينهار إلى 2.5% سنة 2024، نتيجة تباطؤ نمو الدخل إلى 5.9% مقابل نمو للاستهلاك بلغ 7.5% سنويًا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو ما يعكس تدهور القدرة الشرائية وتراجع مستوى العيش، خاصة مع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية.
أما الجماعات العمومية، فقد نزل ادخارها من 25.7% سنة 2001 إلى نسب إيجابية ضعيفة سنة 2019، قبل أن يتحول إلى أرقام سلبية غير مسبوقة بلغت –22.1% سنة 2022 ثم –0.8% سنة 2024، بسبب ضعف نمو الدخل مقارنة بنمو الاستهلاك وتفاقم العجز المالي للدولة والصناديق الاجتماعية.
واعتبر الشكندالي أن استمرار انهيار الادخار الوطني يعني تراجع قدرة تونس على تمويل استثماراتها ذاتيًا، وزيادة اعتمادها على القروض الخارجية والتمويل النقدي من البنك المركزي، بما يحمله ذلك من مخاطر إضافية على التضخم وعلى الاستقرار المالي عمومًا، مؤكدًا أن أي إصلاح اقتصادي حقيقي يجب أن يبدأ باستعادة نسق نمو الدخل، والتحكم في الاستهلاك، وإعادة بناء قدرات الادخار لدى العائلات والدولة.
