الرئيسيةآخر الأخباربين إصلاح منظومة الصفقات العمومية ومرسوم 2022: أين إختفت "الأفضلية الوطنية"؟

بين إصلاح منظومة الصفقات العمومية ومرسوم 2022: أين إختفت “الأفضلية الوطنية”؟

أشرفت الأسبوع الماضي رئيسة الحكومة، سارّة الزعفراني الزنزري، على مجلس وزاري خُصّص لمراجعة منظومة الصفقات العمومية، في خطوة قد تكون من أوسع الإصلاحات التشريعية المنتظرة خلال المرحلة القادمة. وقد أكدت الزنزري أنّ هذا الملف يعتبر من “أولويات الدولة” بالنظر إلى تأثيره المباشر في دفع الاستثمار وتسريع نسق إنجاز المشاريع العمومية وتحسين مناخ الأعمال.

ومع أن البلاغ الحكومي قدّم رؤية واسعة للإصلاح، تضمنت تبسيط الإجراءات، وتعزيز الشفافية، ومواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنّه لفت انتباه المراقبين أنّ البلاغ خلا تمامًا من أي إشارة إلى المرسوم عدد 68 لسنة 2022 المؤرخ في 19 أكتوبر 2022، الذي تضمّن في فصله الثاني عشر مبدأ الأفضلية الوطنية للمتعاملين الاقتصاديين التونسيين عند إسناد الصفقات العمومية.

هذا الغياب أثار سلسلة من التساؤلات المشروعة داخل الأوساط الاقتصادية، خاصة وأنّ هذا الفصل كان يُعتبر إحدى الآليات التي وُضعت لدعم المؤسسات التونسية وتعزيز قدرتها التنافسية داخل سوق الطلب العمومي.

غياب أي إشارة إلى مرسوم 2022 يطرح سؤالًا أوليًا:
هل تخلّت الحكومة عمليًا عن مبدأ الأفضلية الوطنية، أم أنّ الأمر يتعلق فقط بصياغة أولية لم تُدرج بعد جميع العناصر القانونية؟

فالمراجعة الشاملة للمنظومة قد تشمل، نظريًا، دمج هذا المبدأ أو إعادة صياغته أو حتى التخلي عنه، إذا اعتبر المُشرّع الجديد أنّ استقطاب الاستثمار الأجنبي يتطلّب إعادة ترتيب الأولويات.

الإصلاحات المعلن عنها تستهدف تسريع نسق المشاريع وتقليص التعطيلات التي رافقت المنظومة القديمة. لكن هذا التوجه يطرح إشكالًا آخر:
كيف ستوازن الحكومة بين حاجتها لجذب مستثمرين أجانب وبين حماية المؤسسات المحلية، خصوصًا الصغرى والمتوسطة، التي قد تجد نفسها خارج المنافسة إذا غابت الأفضلية الوطنية؟

هذا السؤال يكتسب مشروعيته لأنّ المؤسسات التونسية كانت دائمًا تعتمد على مبدأ الأفضلية الوطنية لتعزيز فرصها في الفوز بالصفقات العمومية، خاصة في القطاعات الحساسة.

تطرح الأوساط المهنية سؤالًا آخر لا يقل أهمية:
هل قامت الحكومة بتقييم فعلي لنتائج تطبيق الفصل 12 الخاص بالأفضلية الوطنية خلال السنوات الماضية؟
وهل أثبت هذا الإجراء فعاليته في دعم المؤسسات المحلية؟ أم تسبب في تعقيدات إجرائية دفعت نحو تجاهله في البلاغ الأخير؟

هذا الغياب قد يعني أحد أمرين:
– إمّا أنّ التقييم أظهر محدودية في الأثر،
– أو أنّ الحكومة تتجه نحو تصور جديد يجعل من مرسوم 2022 جزءًا من منظومة سيتم تجاوزها.

بعد النقاش داخل المجلس الوزاري، أعلنت رئيسة الحكومة أن مشروع الأمر سيُستكمل لاحقًا مع أخذ الملاحظات بعين الاعتبار. لكن ذلك يفتح الباب لسؤال جوهري:
هل سيشمل المشروع النهائي للصفقات العمومية صيغة متطورة من “الأفضلية الوطنية”، أم سيتم الاستغناء عنها نهائيًا؟

الفصل 12: مضمون الأفضلية الوطنية

  1. أفضلية المتعاملين الاقتصاديين التونسيين:
    • يُمنح المتعاملون الاقتصاديون التونسيون أفضلية بنسبة 20٪ عند تقديم عروض في صفقات الدراسات، الأشغال، والتزود بالمواد والخدمات مقارنة بالمتعاملين الأجانب.
    • الهدف: تعزيز قدرة الشركات التونسية على المنافسة وتحفيز الاقتصاد المحلي دون الإخلال بالمنافسة.
  2. أفضلية المنتجات التونسية المنشأ:
    • تمنح المنتجات المصنعة في تونس أولوية في كل صفقات التزود بالمواد، بشرط:
      • أن تكون الجودة مساوية للمنتجات الأخرى.
      • ألا يزيد سعر المنتج التونسي عن مثيله الأجنبي بأكثر من 20٪.
    • الهدف: دعم الصناعة المحلية وتشجيع الإنتاج الوطني مع مراعاة التوازن بين الجودة والسعر.
مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!