صدر تقرير “الثروة الإفريقية 2025” الذي تُنجزه شركة الاستشارات العالمية “هينلي” بالتعاون مع “نيو وورلد ويلث”، قائمة الدول الإفريقية التي تضم أكبر عدد من أصحاب الثروات. وقد حافظت جنوب إفريقيا على الصدارة بـ 41 ألف مليونير، متبوعة بمصر (14,800 مليونير) ثم المغرب (7,500 مليونير) الذي احتل المرتبة الثالثة قارياً، فيما جاءت نيجيريا في المركز الرابع (7,200 مليونير) وكينيا خامسة (6,800 مليونير).
اللافت في هذا التقرير هو الغياب التام لتونس عن القائمة، في وقت سجلت فيه بلدان مثل المغرب ورواندا وموريشيوس نسب نمو استثنائية في عدد الأثرياء خلال العقد الأخير. المغرب مثلاً ارتفع فيه عدد أصحاب الثروات العالية بنسبة 40%، وأصبح يضم 35 شخصاً تفوق ثرواتهم 100 مليون دولار، وأربعة مليارديرات بأكثر من مليار دولار.
تساؤلات مشروعة
هذا الغياب يعيد طرح سؤال جوهري: لماذا لا يظهر مليارديرات تونسيون في هذه التصنيفات الدولية؟
هل يعود الأمر إلى محدودية حجم السوق التونسية مقارنة بدول مثل مصر أو نيجيريا؟
أم إلى ضعف الاستثمارات الكبرى في قطاعات ذات مردودية عالية كالعقار، المناجم أو الطاقات، التي عادة ما تصنع الثروات الضخمة؟
أم أن النخبة الاقتصادية التونسية تفضّل العمل في الخفاء بعيداً عن الأضواء والتصنيفات؟
معضلة الثروة المخفية
خبراء الاقتصاد يشيرون إلى أن جزءاً من الثروة في تونس قد يكون موجوداً فعلاً، لكن بأسماء غير تونسية أو في شكل تحويلات واستثمارات خارجية لا تُسجَّل محلياً. كما أن غياب الشفافية وصعوبة الوصول إلى المعطيات الدقيقة حول الثروات الشخصية يعقّد مهمة أي تصنيف دولي.
ماذا يعني هذا الغياب؟
– أولاً، أنه يبرز ضعف جاذبية تونس كوجهة للأثرياء الإقليميين مقارنة بدول مثل المغرب أو موريشيوس.
– ثانياً، أنه يعكس هشاشة الاقتصاد التونسي الذي لم ينجح في خلق طبقة من كبار رجال الأعمال على مستوى قاري.
– وثالثاً، أنه يطرح إشكالية إعادة توزيع الثروة، إذ أن غياب الأسماء الكبيرة لا يعني بالضرورة غياب المال، بل قد يدل على تشتته وعدم تحوله إلى قوة مالية استثمارية قادرة على التأثير.
بينما تتوقع تقارير الثروة نمواً بـ 65% في أعداد المليونيرات الأفارقة خلال العقد القادم، تبدو تونس في موقع المتفرج. وهو ما يدفع إلى التفكير بجدية في نموذج اقتصادي جديد يشجع على تكوين ثروات محلية كبرى، شرط أن تكون مرتبطة بالاستثمار المنتج لا بالمضاربات والاقتصاد الموازي.

