شهد مؤشر جفاف التربة في تونس خلال سنة 2025 تراجعًا ملحوظًا مقارنة بالسنوات الأربع الماضية التي اتسمت بجفاف حاد وقلة غير مسبوقة في التساقطات.
يعود هذا التراجع النسبي أساسًا إلى تحسن كميات الأمطار المسجلة في عدد من الفترات خاصة مع مطلع السنة، مما ساهم في رفع رطوبة التربة في عديد المناطق الشمالية والوسطى، وإن ظل الوضع هشًا ومعرضًا للانتكاس في أي موسم جاف لاحق.
تونس عاشت منذ حوالي خمس سنوات على وقع أزمة مائية خانقة، تجلت في انخفاض مخزون السدود وتشديد القيود على مياه الري وتفاقم معاناة الفلاحين في الزراعات الكبرى والأشجار المثمرة. خلال 2025، ساهمت بعض التساقطات المهمة في تحسين نسبي لوضعية التربة، حيث سجلت عدة ولايات شمالية ارتفاعًا في رطوبة التربة بعد نزول أمطار معتبرة، ما انعكس إيجابًا على المراعي وبعض الزراعات البعلية. غير أن هذا التحسن بقي موضعيًا وغير كافٍ لاستعادة التوازن المائي على المستوى الوطني، خاصة في الوسط والجنوب حيث تتواصل حالة الإجهاد المائي.
هذا التراجع في مؤشر جفاف التربة يحمل بعدين متناقضين بالنسبة للقطاع الفلاحي: فمن جهة، خفف من حدة الأضرار التي طالت المحاصيل في السنوات الماضية وساهم في إنقاذ جزء من الموسم الزراعي الحالي، ومن جهة أخرى، يظل مرتبطًا بدورة مناخية متقلبة لا تسمح بالتخطيط الآمن على المدى المتوسط. عدد من التقارير المحلية حذرت من أن تحسن الأمطار ظرفي، في ظل استمرار تأثيرات التغيرات المناخية التي تجعل تونس ضمن أكثر البلدان المتوسطية تعرضًا لموجات الجفاف وندرة الموارد المائية، وهو ما تؤكده مؤشرات دولية للمخاطر المناخية.
في هذا السياق، يزداد الحديث عن ضرورة تبني سياسات تكيف مستدامة مع الواقع المناخي الجديد، تقوم على ترشيد استهلاك المياه، وتطوير تقنيات الري الموضعي، وتشجيع الزراعات الأقل استهلاكًا للماء، إلى جانب حماية التربة من التدهور والتصحر. كما تبرز أهمية الاستثمار في البنية التحتية المائية وصيانة السدود والبحيرات الجبلية، فضلا عن دعم الفلاحين عبر آليات تعويض وتمويل موجه لتمكينهم من مقاومة آثار الجفاف المتكرر. تراجع مؤشر جفاف التربة في 2025 يُعد إشارة إيجابية، لكنه في الوقت ذاته إنذار بضرورة استغلال هذه الهدنة المناخية القصيرة لإعادة بناء منظومة مائية وفلاحية أكثر صمودًا في وجه الأزمات القادمة.
