اعتبر الكاتب العام السابق لجامعة البريد والنائب السابق عن حزب العمال، الجيلاني الهمامي، أن الاستقالة التي قدّمها أمس نور الدين الطبوبي من منصب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل تمثل نقطة فاصلة في مسار الأزمة العميقة التي تعيشها المنظمة الشغيلة، محذرًا من أن المرحلة المقبلة قد تقود إلى تفكك الاتحاد أو حتى اندثاره.
ولفت الهمامي إلى أنّه ما يزال من غير الواضح ما إذا كانت استقالة نور الدين الطبوبي تقتصر على منصب الأمانة العامة فقط مع بقائه عضوًا في القيادة النقابية، أم أنها تعني تخليه الكامل عن كل مسؤولية نقابية داخل الاتحاد.
غير أنّه شدّد على أنّ هذه التفاصيل، على أهميتها، لا تغيّر من حقيقة أنّ الاستقالة، التي سبق للطبوبي أن لوّح بها أكثر من مرة، أصبحت اليوم عنصرًا ذا تداعيات مؤكدة على المشهد النقابي العام، وهو ما خلق حالة من الصدمة والارتباك في الأوساط النقابية التونسية.
وفي تدوينة شديدة اللهجة، قال الهمامي إنّ تداعيات هذه الاستقالة تتجاوز شخص الطبوبي، لتكشف ما وصفه بـ”الفشل النهائي للنمط البيروقراطي النقابي” الذي هيمن على الاتحاد لأكثر من نصف قرن، مؤكدًا أن القيادة الحالية نجحت في ما عجزت عنه كل الأنظمة السابقة من محاولات احتواء أو تدجين للاتحاد.
وأوضح أن الأزمة الراهنة بدأت منذ إقدام القيادة النقابية على ما اعتبره “انقلابًا على النظام الداخلي”، وخاصة الفصل 20 (الفصل العاشر حسب مؤتمر جربة 2002)، وهو الفصل الذي مثّل، وفق تعبيره، مكسبًا ديمقراطيًا بارزًا في تاريخ المنظمة، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة أدخلت الاتحاد في مسار من الصراعات الداخلية المتفاقمة.
وأضاف الهمامي أن الفرصة التي أتاحها الاتفاق على عقد مجلس وطني في سبتمبر 2024 للخروج من الأزمة أُهدرت بسبب ما وصفه بـ”حسابات أنانية وصبيانية” داخل المكتب التنفيذي، مشيرًا إلى سابقة خطيرة تمثلت في اعتصام جزء من المكتب التنفيذي احتجاجًا على المكتب التنفيذي نفسه، وما تبع ذلك من خلافات حول عقد المؤتمر الوطني.
وفي هذا السياق، حمّل الهمامي مسؤولية مباشرة لما سماه “تعطيل الفرصة الأخيرة لإنقاذ الاتحاد” لما يُعرف بـ”جماعة التسعة” بقيادة سامي الطاهري، معتبرًا أنهم تجاهلوا عن وعي خطورة المرحلة، رغم إدراكهم – حسب قوله – أن الاتحاد مستهدف من السلطة القائمة ليس بالتدجين فقط بل بالإقصاء الكامل من المشهد.
واعتبر أن استقالة الطبوبي، بعد استقالة القيادي أنور بن قدور، تشكّل دليلًا قاطعًا على “انفراط عقد القيادة النقابية”، مؤكدًا أن استعادة وحدة المكتب التنفيذي أصبحت شبه مستحيلة، وأن الصورة القيادية الحالية “تهشمت بالكامل”.
ودعا الهمامي جميع أعضاء المكتب التنفيذي إلى تقديم استقالاتهم، معتبرًا أن استمرارهم في مواقعهم يمثل عبئًا على الاتحاد وسببًا مباشرًا في أزمته، كما طالب الهيئة الإدارية الوطنية وبقية الهياكل النقابية بتحمل مسؤولياتها التاريخية ووقف ما وصفه بـ”الصمت والتواطؤ”.
وختم الهمامي بيانه بالتأكيد على أن التاريخ لن يرحم من يلتزم الحياد إزاء ما اعتبره “جريمة تفكيك الاتحاد”، داعيًا إلى تحرك عاجل لإنقاذ المنظمة النقابية من الانهيار.

