الرئيسيةآخر الأخبارما حقيقة تخفيض أسعار اللحوم الحمراء بقرار رئاسي ؟

ما حقيقة تخفيض أسعار اللحوم الحمراء بقرار رئاسي ؟

أثار الجدل حول مسألة تخفيض أسعار اللحوم الحمراء في تونس حالة من الارتباك بين المستهلكين والمهنيين، بعد تضارب التصريحات بين رئيس المنظمة التونسية لإعلام المستهلك لطفي الرياحي ورئيس الغرفة الوطنية للقصّابين أحمد لعميري.

ففي حين أعلن الرياحي عن صدور قرار رئاسي سيادي يقضي بتخفيض أسعار اللحوم، نفى لعميري بشكل قاطع وجود أي قرار رسمي من هذا النوع، مؤكداً أن ما جرى تداوله لا يعدو أن يكون مبادرة خاصة من إحدى الشركات التابعة لأحد المربين الذين اختاروا تقليص الأسعار في نقاط البيع الخاصة بهم فقط.

وخلال مداخلة له على إذاعة “جوهرة أف أم” يوم الجمعة 26 سبتمبر 2025، أكد لطفي الرياحي أن رئيس الجمهورية قرر تخفيض أسعار اللحوم الحمراء بهدف تمكين المواطن من اقتنائها بأسعار معقولة، مشيراً إلى أن سعر الكيلوغرام من لحم الضأن تراجع من 65 إلى 40 ديناراً، في حين حُدد سعر لحم البقر في حدود 32 ديناراً.

وبيّن أن كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من لحم الضأن لا تتجاوز 26 ديناراً بعد الذبح، وأن هوامش الربح كانت تصل إلى 39 ديناراً نتيجة المضاربات وتعدد الوسطاء، وهو ما وصفه بغير المنطقي.

كما شدّد على أن هذا القرار سيُطبّق على كامل تراب الجمهورية، مستشهداً بقرارات رئاسية سابقة شملت تحديد أسعار بيع زيت الزيتون.

لكن أحمد لعميري، رئيس الغرفة الوطنية للقصّابين، رفض هذه الرواية معتبراً تصريحات الرياحي مضللة للرأي العام ومتناقضة مع الواقع.

وقال إن رئاسة الجمهورية لم تصدر أي منشور أو قرار رسمي يتعلق باللحوم، وأن ما تم تداوله لا يعدو أن يكون مبادرة شخصية من شركة خاصة، مضيفاً أن تصريحات الرياحي أربكت السوق وتسببت في نشر البلبلة بين المواطنين والمهنيين.

وذهب لعميري إلى حد المطالبة بعدم استضافة الرياحي مجدداً في وسائل الإعلام لأنه “لا يملك أي صفة تخوّله الحديث باسم رئيس الجمهورية”.

وأوضح أن الأسعار الحالية للحم الضأن تتراوح بين 43 و45 ديناراً للكيلوغرام الواحد، وأن الانخفاض الطفيف المسجل في بعض النقاط لا يتجاوز 900 مليم وهو نتيجة حملات ترويجية محدودة لا علاقة لها بقرارات رسمية.

وفي جولة ميدانية بعدد من محلات بيع اللحوم في تونس العاصمة وأريانة وسوسة، أكد القصّابون أن الأسعار لم تشهد أي تغييرات جوهرية، إذ ما زال سعر الكيلوغرام من لحم الضأن يتراوح بين 50 و55 ديناراً، في حين يباع لحم البقر بأسعار تتراوح بين 38 و40 ديناراً حسب المنطقة ونوعية اللحم.

وأشاروا إلى عدم وجود أي بلاغ أو إشعار رسمي من وزارة التجارة أو رئاسة الجمهورية يلزمهم بتطبيق تخفيضات، معتبرين أن الحديث عن سعر 40 ديناراً للضأن أمر غير واقعي في ظل ارتفاع كلفة الأعلاف والنقل وتراجع القطيع الوطني.

ويبدو من خلال هذه المعطيات أن ما تحدث عنه لطفي الرياحي لم يجد له صدى على أرض الواقع، وأن لا وجود لقرار سيادي أو إجراء رسمي يفرض تخفيض الأسعار، بينما تواصل السوق عملها وفق منطق العرض والطلب وسط أزمة حقيقية يعيشها القطاع نتيجة نقص الإنتاج وارتفاع الكلفة.

وبينما يطالب المواطن بتدخل الدولة لكسر حلقة المضاربة وتخفيف العبء عن القدرة الشرائية، يرد المهنيون بأن أي تخفيض لا يمكن أن يتحقق دون دعم مباشر أو إصلاح شامل لمنظومة الأعلاف والتوزيع.

وهكذا تبقى اللحوم الحمراء خارج مسار التخفيضات الرسمية، في انتظار موقف واضح من السلطات يُنهي هذا التضارب بين الخطاب الإعلامي والواقع الاقتصادي.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!