أثارت مزاعم شركة Zenith Energy LTD البريطانية – النرويجية، المتخصّصة في استكشاف وإنتاج النفط، جدلاً واسعًا بعد كشفها اليوم 27 نوفمبر 2025 عن ما وصفته بـ “بيع غير مُرخّص للنفط الخام التونسي المنتج من امتيازاتها”، في خطوة اعتبرتها الشركة «مصادرة غير قانونية» تستوجب التقاضي الدولي.
وقالت الشركة في بيان رسمي نشرته على منصّات مالية دولية (Cision، Investegate، TradingView، Investing.com) إن السلطات التونسية قامت ببيع 3,987 برميلًا من النفط الخام العائد لشركتها الفرعية في تونس Ecumed Petroleum Tunisia Ltd. — EPT، وذلك «من دون أي ترخيص مسبق ومن دون أي تعويض مالي».
تفاصيل عملية البيع محلّ الاتهام
وفق رواية الشركة، يعود النفط المبيع إلى مخزون إنتاج امتيازي Robbana وEl Bibane جنوب البلاد، حيث تراكم الإنتاج منذ سنة 2022 بعد ما تصفه Zenith بـ«تعطيل ممنهج» لعمليات البيع من طرف السلطات، ما أجبر الشركة على تخزين النفط بانتظار تراخيص التصدير.
وتؤكد Zenith أنّ وزارة الصناعة والطاقة التونسية أصدرت في جانفي 2024 قرارًا بإفراغ خزانات حقل “El Bibane” بدعوى “أسباب أمنيّة”، رغم أن فحصًا فنيًا وبيئيًا أجري في 1 أفريل 2024 أثبت سلامة البنية التحتية. ووفق ذات البيان، تمّ نقل النفط لاحقًا إلى مخزون شركة MARETAP، وهي شركة عمليات مشتركة بين المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP) وشركاء آخرين.
وتزعم الشركة أنّ ETAP قامت ببيع هذه الكميات من النفط الخام «من دون الرجوع للمالك القانوني – أي EPT – ومن دون دفع أي مبالغ مالية مقابلة».
اتهامات ثقيلة
وصعّدت Zenith لهجتها ووصفت ما حدث بأنه “استيلاء غير مشروع على ممتلكاتها”، معتبرة أنّ ذلك يمثّل «خرقًا جسيمًا للعقود النفطية، وانتهاكًا لحماية الاستثمارات الأجنبية، وإضرارًا صريحًا بثقة المستثمرين».
وتقول الشركة إنّها تكبّدت، منذ بداية الأزمة في 2022، خسائر مالية تتجاوز مليوني دولار بسبب توقف مداخيل بيع النفط، إضافة إلى تكلفة صيانة الحقول ودفع رواتب العمال والالتزامات البيئية.
كما قدّرت Zenith مجموع إنتاجها غير المباع منذ 2022 بـ 11,670 برميلًا موزّعة كما يلي:
- 5,791 برميلًا سنة 2022
- 4,408 برميلًا سنة 2023
- 1,471 برميلًا سنة 2024
وتعهدت الشركة باتخاذ “كافة الإجراءات القانونية والدبلوماسية المتاحة لاستعادة حقوقها القانونية والقيم المالية المترتبة”، في إشارة إلى إمكانية اللجوء للتحكيم الدولي، وهو مسار سبق أن خاضته الشركة في نزاعات أخرى مع الدولة التونسية.
سياق أوسع: نزاع مزمن وانعدام ثقة متصاعد
النزاع الحالي ليس الأول بين Zenith والسلطات التونسية. فقد دخل الطرفان في سلسلة خلافات قانونية ومالية منذ 2021، من بينها ملفات تحكيمية خسر بعضها في مراحل سابقة، خصوصًا فيما يتعلق بامتياز “SLK”.
ويرى خبراء في قطاع الطاقة أنّ هذا الخلاف يعكس تحوّلات أعمق في علاقة الدولة التونسية بالشركات الأجنبية المشغّلة للحقول الصغيرة، وسط ارتفاع الانتقادات لضعف الجدوى الاقتصادية لبعض الحقول وارتفاع تكلفة تشغيلها مقارنة بحجم الإنتاج.
لكن في المقابل، يُحذّر محلّلون من أن انتشار أخبار من هذا النوع قد يضرّ بسمعة بيئة الاستثمار التونسية في قطاع استراتيجي مثل الطاقة، خاصة في وقت تتطلع فيه الحكومة إلى جذب استثمارات جديدة في الطاقة التقليدية والمتجددة.
حتى هذه اللحظة لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة الصناعة والطاقة أو من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP) بشأن ما نشرته Zenith، رغم الانتشار السريع للخبر في وكالات المال الدولية والمواقع المالية الكبرى.
كما لم تتضح بعد الوثائق القانونية أو الإدارية التي قد تُثبت أو تنفي وجود قرار رسمي بالبيع، أو ما إذا كانت عملية تصفية المخزون تمت وفق إجراءات استثنائية تتعلق بالسلامة أو الصيانة.
يُرجّح أن يتحوّل هذا النزاع إلى ملف دولي جديد إذا قررت الشركة رفع دعوى تعويضات أو طلب تحكيم ضد الدولة التونسية، خصوصًا وأن البيان تضمّن لغة تُحيل مباشرة إلى قواعد حماية المستثمر الأجنبي.
ويتابع خبراء الطاقة والمستثمرون العالميون تطورات هذا الملف، باعتباره مؤشرًا على مدى التزام تونس بالعقود، في وقت تخضع البلاد لتدقيق مالي واقتصادي دولي، وتبحث عن موارد إضافية لميزانيتها.

