سلّطت وكالة الأنباء الإيطالية ANSA الضوء على مبادرة مثيرة للجدل أطلقها الصحفي التونسي المعروف زياد الهاني عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، دعا فيه إلى التفكير في إنشاء “جمهورية فدرالية بين تونس وإيطاليا”، واصفاً ذلك بأنه مدخل إلى “مرحلة جديدة مختلفة وأفضل، ضمن منظور ابتكاري”.
ردود متباينة
المبادرة، التي وصفتها الوكالة الإيطالية بـ”الاستفزازية والرمزية”، أثارت سيلًا من التعليقات على المستويين التونسي والمتوسطي.
فقد قرأها البعض باعتبارها مناورة فكرية لتسليط الضوء على عمق الترابط الاقتصادي والطاقة بين البلدين، في وقت يُنظر فيه إلى المرحلة السياسية الراهنة في تونس وإيطاليا كـ”نهاية دورة وبداية أخرى”.
في المقابل، رأى آخرون أنّ الفكرة تصطدم مباشرة بالقيود الدستورية: فالدستور التونسي لعام 2022 يؤكد أن تونس “دولة موحدة لا يجوز المساس بوحدتها”، بينما ينص الدستور الإيطالي في مادته الخامسة على أن “الجمهورية واحدة وغير قابلة للتجزئة”. وهو ما يجعل أي مشروع فدرالي بين البلدين غير قابل للتنفيذ قانونيًا إلا بمراجعات دستورية جذرية في كلا النظامين.
أما الاتجاه الثالث من المعلقين، فقد فضّل قراءة المبادرة على ضوء أجندة التعاون العملي القائم، معتبرين أن الواقع يسير بالفعل نحو نوع من “التكامل التدريجي”، سواء عبر مشروع الربط الكهربائي “إلمِد” الممول من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، أو عبر ملفات الأمن والدفاع والبحث العلمي، إضافة إلى برامج الهجرة النظامية والتنمية المدعومة من وكالة التعاون الإيطالية (AICS).
أشارت ANSA إلى أن شخصية زياد الهاني لعبت دوراً في تضخيم النقاش، باعتباره أحد أبرز الأصوات الإعلامية التونسية وأكثرها إثارة للجدل، إذ ارتبط اسمه على مدى السنوات الماضية بعدة قضايا قضائية تتعلق بحرية التعبير والصحافة. وهو ما جعل مبادرته تُقرأ كـ”اختبار رمزي” لمدى استعداد النخب والرأي العام لمقاربة جديدة في العلاقات بين ضفتي المتوسط.
خلصت الوكالة الإيطالية إلى أنّ الحديث عن “جمهورية فدرالية تونسية – إيطالية” يبقى خارج الأفق السياسي الواقعي في ظل الإكراهات الدستورية والسيادية، لكنه في الوقت ذاته شكّل محرّكاً للنقاش حول مستقبل العلاقات الثنائية. فـ”القفزة الاتحادية” ليست ممكنة اليوم، غير أن التكامل عبر المشاريع المشتركة في مجالات الطاقة، الأمن، الابتكار، والتنمية، يقدّم مساراً عملياً يمكن أن يترجم فعلياً شعار “بداية مرحلة جديدة” الذي رفعه الهني.

