وفقا لما نصت عليه معاهدة تأسيسه، وباقتراح من الرئيس التونسي قيس سعيد، وبعد موافقة جميع قادة الدول الأعضاء في الاتحاد المغاربي، تم تعيين الدبلوماسي التونسي طارق بن سالم أمين عاما جديدا لهذا التكتل المغاربي خلفا لمواطنه الطيب بكوش. ويبدأ الأمين العام الجديد مباشرة مهامه ابتداء من غرة جوان المقبل، حسب بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج.
ويأتي هذا التعيين الجديد لينهي الأزمة التي كانت نشبت بين الحكومة الجزائرية والطيب بكوش، الذي انتهت عهدته يوم 31 جويلية 2022، وذلك على خلفية تعيين المغربية أمينة سلمان ممثلة دائمة للاتحاد لدى الاتحاد الإفريقي، وسط اتهامات جزائرية للأمانة العامة بـ”التحيز”، وهو ما رفضته الأخيرة، مطالبة الجزائر بأداء المستحقات العالقة في ذمتها. فيما أشاد سياسيون مغاربيون بهذا التعيين الجديد الذي اعتبروه خطوة مهمة في اتجاه وضع الاتحاد المغاربي على المسار من أجل الاضطلاع بأدوار في إدارة أزمات المنطقة.
في هذا الصدد قال أحمد أونيس، وزير الخارجية التونسي السابق: “إن تعيين طارق بن سالم خلفا للسيد الطيب بكوش الذي انتهت ولايته منذ مدة خطوة مهمة وكانت ضرورية، ولو أننا تأخرنا كثيرا في تونس في تقديم مرشح بديل”، مسجلا أن “الأمين العام الجديد دبلوماسي متمكن ومؤمن بالرسالة المغاربية، وسيكون وسيطا وجيها وسيسعى إلى تجاوز العقبات التي تحول دون تفعيل هذا الاتحاد”.
أضاف أونيس، في تصريح لهسبريس المغربية أن “مهمة المسؤول الجديد ستكون صعبة بكل تأكيد، بالنظر إلى مجموعة من العوائق التي تضعها الحكومة الجزائرية”، مستدركا: “لكن من الواجب علينا أن نسد هذا الفراغ للتأكيد على إيماننا بمشروع الاتحاد المغاربي الذي يتجاوز الأشخاص والمصالح الضيقة”.
وفي السياق نفسه أشار المتحدث إلى أن “الأمين العام الجديد سيواجه عقبات في تحقيق التواصل الفعال بين قادة الدول المغاربية، خاصة أن الجزائر أكدت على لسان قياداتها أنها لم تعد تؤمن بهذه المؤسسة المغاربية، وبالتالي فهناك مجموعة من المصاعب الموضوعية والسياسية التي ستعقد عمله”.
ملفات مطروحة
أحمد ولد عبيد، نائب رئيس حزب “الصواب” الموريتاني، أورد أن “تعيين أمين عام جديد لاتحاد المغرب العربي هو خطوة أساسية وبناءة في اتجاه إعادة إحياء هذا التكتل الذي تراهن عليه الشعوب المغاربية ويفرض الواقع إعادة تفعيله، إذ إن عالم اليوم لم يعد يؤمن إلا بالاتحادات والتكتلات التي تعكس الإرادة المشتركة لتجاوز مختلف التحديات التي تشهدها الساحة العالمية”.
وأوضح السياسي الموريتاني ذاته، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الدول المغاربية تملك جميع المقومات والإمكانيات والوسائل التي ستجعل من الاتحاد المغاربي تكتلا إقليميا ومؤثرا في المعادلات السياسية والاقتصادية في المنطقة وفي العالم”.
وحول أبرز الملفات التي تنتظر الأمين العام الجديد سجل ولد عبيد أن “طارق بن سالم سيجد على طاولته مجموعة من الملفات الهامة والحساسة، إلا أن الملف الذي يجب أن يحظى بالأولوية هو العمل على تفعيل الاتحاد ومؤسساته ووضعه على السكة الصحيحة لكي يساهم في تحقيق الاندماج المنشود بين شعوب ودول المنطقة”، موردا أن “ملف الصحراء هو الآخر سيكون من ضمن هذه الملفات، فيما اتخذت الرباط خطوات مهمة لحله؛ وبالتالي على المسؤول المغاربي الجديد أن يعمل على تحريك هذا الملف الذي سيشكل حله دفعة قوية لهذا التكتل”.
علق مصدر ليبي مسؤول مقرب من المجلس الرئاسي الليبي على هذه الخطوة بالقول إن “هذا التعيين الجديد يأتي إطار تجديد الدماء في الاتحاد المغاربي حتى يستطيع الاضطلاع بدوره في الأزمات التي تشهدها المنطقة، خاصة في ظل التطورات المتسارعة التي أصبح تقلق أغلب الدول، على غرار تفشي الجماعات الإرهابية والحروب الأهلية”.
وأضاف المصدر ذاته أن “الاتحاد المغاربي للأسف الشديد كان دوره غائبا في العديد من أزمات المنطقة، سواء في ليبيا أو غيرها، ولم يلعب أي دور فعال فيها، وبالتالي فإن تعيين مسؤول جديد على رأس الاتحاد سيدفع في اتجاه مساهمته بشكل فاعل في حل هذه الأزمات”.
وأكد مصدر هسبريس أن “ليبيا دائما ما تتطلع إلى أدوار المنظمات المعنية بالمنطقة في حل الإشكالات والظروف التي تمر منها الدولة الليبية، وفي خدمة الاستقرار في المنطقة، لأن حالة الجمود لا تخدم أحدا أمام ظهور متغيرات جديدة لا يمكن لأي دولة مغاربية أن تبقى بمنأى عنها”.