يُراقب مختصو مركز طقس العرب الإقليمي آخر ما تؤول إليه مخرجات النماذج الحاسوبية الخاصة برصد درجة حرارة المسطحات المائية، والتي لاحظ المختصون من خلالها أن منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط تشهد ارتفاعًا في حرارة سطح المياه حيث تصل من 30 إلى 31 درجة مئوية في الجزء الأوسط منه، خاصة البحر الأيوني الذي يُعتبر جزءًا من البحر المتوسط، والذي انطلقت منه عاصفة دانيال العام الماضي. وبذلك تكون درجة حرارة سطح المياه قد تخطت معدلاتها المعتادة بنحو 5 درجات مئوية، ومن المرجح أن يشهد البحر المتوسط المزيد من الارتفاع في ظل هيمنة الكتل الهوائية الحارة (موجة حر بحرية) خلال ما تبقى من آب، وبخاصة مع تمدد الهواء الحار من القارة الإفريقية نحو القارة الأوروبية.
وأشار المختصون الجويون في طقس العرب إلى أن هذه الظروف الجوية الدافئة جدًا والرطبة في البحر الأبيض المتوسط قد تكون بيئة خصبة تساهم في تكون العواصف المتوسطية (Medicanes)، والتي تشبه العواصف والأعاصير المدارية من حيث الهيكل والظواهر الجوية المصاحبة، ولكنها تحدث في منطقة البحر المتوسط.
وفي هذا السياق، يتبادر إلى أذهان العديد من الأشخاص السؤال عن احتمال تكرار عاصفة دانيال. وقال المختصون الجويون في مركز طقس العرب إن عاصفة دانيال كانت استثنائية واجتمعت فيها العوامل الجوية والطبوغرافية مع بعضها البعض مما منحها تأثيرات كارثية على أرض الواقع. ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأن عاصفة دانيال قد تتكرر هذا العام لأن الأنماط الجوية تختلف من عام لآخر. ولكن مما لا شك فيه أن درجة حرارة سطح المياه في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط مناسبة لتطور عواصف متوسطية في الخريف القادم، لكن ذلك يحتاج إلى ظروف جوية خاصة مثل انفصال المنخفض الجوي العلوي عن الدورة العامة للتيار النفاث واكتسابه لخصائص شبه استوائية بعد مكوثه مطولًا فوق سطح المياه.
وتجدر الإشارة إلى أنه تاريخيًا قد تعرض البحر الأبيض المتوسط لأنماط جوية (عواصف متوسطية) أكثر شدة من عاصفة دانيال، بعضها بلغ قوة إعصار مداري من الدرجة الأولى. ولعلّ أوضح الأمثلة على أعاصير البحر المتوسط، هو ما حدث في منتصف شهر جانفي من عام 1995، حينما تشكل إعصار في وسط البحر المتوسط، في المنطقة البحرية بين إيطاليا واليونان وليبيا. كما شهدت نفس هذه المناطق البحرية تقريبًا تشكُّلًا لإعصار متوسطي عام 2014، سُمي بعاصفة قندريسا، والتي أثرت بشكل رئيسي على جزأي صقلية ومالطة، بأمطار غزيرة وزخات برد وهبّات رياح قوية بلغت سرعتها 150 كم/ساعة.