يؤكد تقرير لموقع الطاقة أن حقل نوارة للغاز الطبيعي يحمل أهمية حاسمة لتونس؛ ليس لأنه أكبر وأهم اكتشاف للغاز في تاريخها فحسب، بل لأنه يلبي نسبة كبيرة من الاحتياجات المحلية ويسهم في خفض فاتورة واردات الطاقة الباهظة.
ولدى إعلانه بدء الإنتاج في عام 2020، توقّع رئيس الحكومة في ذلك الوقت يوسف الشاهد أن يرفع حقل نوارة إنتاج الغاز الوطني بنسبة 50%، وأن يرفع معدل النمو الاقتصادي بنحو 1% ويخفض عجز الطاقة 20% ويخفف العجز التجاري 7%.
تصل الطاقة الإنتاجية للحقل إلى 2.7 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز، ويُنتج بالإضافة إلى الغاز الطبيعي النفط وسوائل الغاز، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
يمتلك الحقل الواقع في ولاية تطاوين بجنوب تونس المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة “أو إم في” النمساوية (OMV) بحصة 50% لكل منهما.
معلومات عن حقل نوارة
اكتُشف الغاز الطبيعي بحقل نواره في عام 2006 على يد شركة “أو إم في” النمساوية التي منحتها وزارة الصناعة ترخيصًا للتنقيب هناك، وسبق ذلك حصول الشركة الأجنبية على ترخيص جناين الجنوبية للتنقيب هناك في عام 2003.
وأثمرت عمليات الحفر اكتشاف 8 آبار منتجة في 2010، ودخل الحفل حيز الإنتاج في مطلع شهر ماي من عام 2020، محملًا بآمال عالية لتقليل الواردات وتحقيق أمن الطاقة.
استُخرج 15.25% من الاحتياطيات الإجمالية القابلة للاستخراج من حقل نوارة للغاز، ومن المتوقع أن يصل ذروة الإنتاج في عام 2029، وفق تقديرات نشرتها منصة “أوفشور تكنولوجي” (offshore-technology).
وبناءً على تقديرات اقتصادية، سيواصل الحقل إنتاج الغاز حتى يصل إلى حدّه الأقصى، أي عندما تتراجع الإيرادات إلى حدّ لا يغطي تكاليف التشغيل.
وحاليًا، يمثّل حقل نوارة 18% من الإنتاج اليومي للغاز في تونس، وأسهم في رفع الإنتاج الوطني، على الرغم من الاضطرابات المتكررة لمسيرة الإنتاج والناتجة عن مشكلات تقنية.
مشروع تنمية حقل نوارة
يحمل مشروع تنمية حقل نوارة (STGP) أهمية إستراتيجية لتونس، التي عدّته مشروعًا ذا أهمية وطنية؛ إذ يسمح بإطلاق العنان للاستفادة من إنتاج الغاز من جنوب البلاد.
يضم المشروع الذي وافقت عليه الإدارة العامة للطاقة (DGE) 3 قطاعات رئيسة، هي منشأة لمعالجة غاز حقل نوارة وخط أنابيب من نوارة إلى قابس ووحدة معالجة الغاز في قابس لإنتاج غاز النفط المسال والغاز التجاري، وفق البيانات المنشورة عبر الموقع الرسمي لشركة “أو إم في”.
وانطلق المشروع في عام 2008 على يد مؤسسة الأنشطة البترولية وشركة “أو إم في” وشركة إيني الإيطالية (ENI) وبايونير (Pioneer) لنقل الغاز والمكثفات ومعالجتهما، عبر بناء أنبوب يمتد من حقل نوارة إلى مدينة قابس، بطول 370 كيلومترًا، ينتهي عند محطة معالجة الغاز.
يُشار إلى أن إيني خرجت من التحالف المطور لحقل نوارة في نهاية 2012، كما اشترت “أو إم في” أسهم بايونير في 2011، وفي أفريل من عام 2012، غيرت الحكومة التونسية (من جانب واحد) مواقع المرافق و مسار خط الأنابيب ليشمل تطاوين.
ولأنّ المسار الجديد سيجعل المشروع أكثر تعقيدًا من الناحية التقنية و غير مجدٍ اقتصاديًا، وافقت الحكومة في فيفري (2013) على اتباع المسار الأصلي للأنبوب
وفي مارس (2014)، أعلنت الحكومة أنها ستبني خط فرع الى مدينة تطاوين ومحطة معالجة بقدرة 600 ألف متر مكعب يوميًا، ووحدة لتعبئة غاز النفط المسال لتلبية الطلب المحلي من الغاز و توفير فرص عمل جديدة.
وتأثّر المشروع، الذي تبلغ استثماراته نحو 1.2 مليار دولار، سلبًا بانخفاض أسعار النفط والتحديات المرتبطة بإدارة الأراضي والاضطرابات الاجتماعية في جنوب البلاد، وهو ما انعكس في زيادة التكاليف وتأخر بدء الإنتاج التجاري.
إنتاج الغاز في تونس
تقول وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، إن الاهتمام بالغاز الطبيعي في تونس بدأ قبل أكثر من 50 عامًا في عام 1972، عند تثمين غاز حقل البرمة وإنشاء أنبوب نقل إلى محطة المعالجة في قابس على يد الشركة التونسية للكهرباء والغاز.
تلا ذلك دخول عدة حقول حيز الإنتاج، ومن أهمها حقل ميسكار في عام 1996، ثم حقلا باقل والفرانيق في الجنوب الغربي خلال عام 1997 والشرقي في 2008 وصدربعل في 2009.
وبلغ معدل الإنتاج اليومي من الغاز 8.6 مليون متر مكعب في عام 2010 و7.8 مليون متر مكعب في 2013 و6.1 مليون متر مكعب في 2016 و5 مليون متر مكعب في 2019، ثم ارتفع الإنتاج في 2021 بنسبة 18% إلى 6.1 مليون متر مكعب يوميًا.
وانخفض إنتاج الغاز الطبيعي في تونس خلال الربع الأول من العام الجاري (2024) بنسبة 31% على أساس سنوي، إذ أرجع المرصد الوطني لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة تراجع الإنتاج إلى استمرار انخفاض إنتاج أهم الحقول، بالإضافة إلى توقّف الإنتاج في حقل نوارة خلال المدة بين 19 فيفري إلى 7 مارس (2024) لإجراء عمليات صيانة مبرمجة.
وانخفض إنتاج حقل نوارة بنسبة 50% حتى مارس/آذار المنصرم إلى 67 ألف طن من النفط المكافئ من 135 ألفًا، وتراجع إنتاج حقول ميسكار والغاز التجاري بالجنوب وغاز شرقي وصدر بعل ومعمورة وبركة والفرانيق بنسبة 20% و18% و10% و10% و100% و32% على الترتيب.
وسجل الطلب على الغاز الطبيعي حتى مارس 2024 تراجعًا بنسبة 11% على أساس سنوي، بسبب محدودية توافر الغاز، لتلجأ السلطات إلى استيراد الكهرباء من تونس والجزائر اللتين أسهمتا في تغطية 15% من الاحتياج الوطني من الكهرباء التي تعتمد بنسبة 95% على الغاز الطبيعي.