تسعى روسيا إلى توسيع نفوذها في إفريقيا انطلاقا من ليبيا تحت قيادة لجنرال أندريه أفريانوف الذي تولى زمام الأمور في مجموعة فاغنر. فليبيا تتمتع بموقع استراتيجي هام على البحر المتوسط فضلا عن امتلاكها احتياطيات نفطية من بين الأكبر في القارة السمراء واحتياطيات وفيرة من الذهب. وعسكريا، ينشط مئات من المرتزقة التابعين لمجموعة “فاغنر” العسكرية الروسية في ليبيا منذ عام 2018.
وبعدما كان موضوع وجود قوات فاغنر في منطقة الساحل الإفريقي حبيس “السجال الغربي الروسي”، بدأت دول هذه المنطقة تستشعر تأثير تحركات قوات “الموسيقيين”؛ فقد أعلنت موريتانيا عن مناورات “غير مسبوقة” على الحدود مع مالي، ردا على دخول أفراد من فاغنر إلى ترابها.
حسب وسائل إعلام موريتانية ومالية، فإن “العلاقات بين باماكو ونواكشوط دخلت إلى فصل عميق من عدم الثقة، منذ دخول أفراد من فاغنر الروسية إلى قرى بالشرق الموريتاني في أفريل الماضي”.
ونقلا عن وكالة الأنباء الموريتانية، فإن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كان قد أجرى، في 11 أفريل الماضي اتصالا هاتفيا مع نظيره المالي آسيمي كويتا تزامنا مع هذا الاختراق، دون الكشف عن تفاصيل كبيرة؛ في وقت تقول فيه وسائل إعلام موريتانية إن “غويتا قدم اعتذارا على دخول قوات فاغنر”.
صرح الناني ولد أشروقة، الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، وزير الطاقة، بأن “نواكشوط سترد بقوة، وستكيل الصاع صاعين لمن يتغوّل في أراضيها في أراضيها أو يمس بمواطنيها”، في وقت تحركت فيه قيادات أمنية في زيارات تفقدية للمناطق الشرقية استعدادا لمناورات عسكرية غير مسبوقة.
وقامت موريتانيا باستدعاء سفيرها بباماكو تزامنا بعد تسجيل اختراق قوات فاغنر، وإرسال وزير دفاعها إلى مالي في الوقت نفسه، مؤكدة في بلاغ نقلته وسائل إعلام موريتانية أن “نواكشوط تريد إجابات وتفسيرات من مالي بعد الحادث”.
وسجل الداود أبا دكتور، باحث في القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “توغل فاغنر في موريتانيا ليس بالجديد؛ فعدد الخروقات يصل إلى 160، راح ضحيته 20 مدنيا في القرى الموريتانية الحدودية”.
وأضاف أبا دكتور، أن توغل فاغنر يهدد دول المنطقة، ويستدعي من “المغرب أن يعزز تعاونه الأمني والاستخباراتي مع موريتانيا حفاظا على مصالحه الاقتصادية التي تكبر مع إعلان مبادرة الأطلسي الملكي”.
وأشار الباحث في القانون الدولي إلى أن “تهديدات فاغنر تمس الجميع؛ فحتى حليفة روسيا، وهي الجزائر، بدأت تشتكي من تحركات فاغنر في مالي ، وأصبحت تحس بالخوف منها”.
وكان أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، قد صرح لوسائل إعلام بأن “الجزائر أبلغت روسيا لأول مرة استفسارها لوجود قوات فاغنر على القرب من حدودها الجنوبية”.
وبيّن المسؤول الجزائري أن “روسيا والجزائر قاما بإنشاء لجنة مشتركة للبحث في هذا الموضوع، مع الإعلان عن اجتماع ثان لها قريبا”؛ فيما لم تذكر السلطات الروسية أي شيء عن الاجتماع.
وأكد أبا دكتور أن “توغل فاغنر لتصل إلى موريتانيا كان متوقعا، ورد فعل نواكشوط هو أيضا كان متوقعا”، موضحا أن “موريتانيا تطمح من خلال المناورات العسكرية المعلنة إلى أن تظهر أنها جاهزة لصد فاغنر”.
وشدد المتحدث عينه على أن “المغرب له تنسيق قوي بالفعل مع موريتانيا، خاصة على مستوى الحدود الترابية المغربية الجنوبية، حيث تمد الرباط بمعلومات استخباراتية كبيرة لجارتها الجنوبية، ويمكن بعد حادث فاغنر أن تقدم الرباط معلومات مفيدة بشكل كبير”.
وفي نوفمبر الماضي زار محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، العاصمة نواكشوط، لعقد الاجتماع الرابع للجنة العسكرية المشتركة الموريتانية المغربية.