قالت «فاينانشال تايمز» إن «الاشتباكات المسلحة» التي شهدتها العاصمة طرابلس خلال اليومين الماضيين أنهت شهور من الهدوء الحذر الذي ساد المدينة، ما يعكس هشاشة مزاعم الاستقرار في ليبيا، ويلقي بظلال قاتمة جديدة على الوضع الأمني والسياسي بالبلاد.
وسلطت الجريدة البريطانية الضوء في تقرير أمس الثلاثاء، على حجم النفوذ الذي تتمتع به التشكيلات المسلحة في ليبيا، لافتة إلى أنها «أصبحت بديلة للدولة، واخترقت المؤسسات الوطنية، وباتت تسعى للتأثير في العملية السياسية، على الرغم من وجود حكومتين في ليبيا».
وشهدت مناطق جنوب شرق طرابلس تطورات أمنية متسارعة على خلفية احتجاز «جهاز الردع» آمر «اللواء 444 قتال»، العقيد محمود حمزة، في مطار معيتيقة خلال توجهه إلى مدينة مصراتة أول من أمس الإثنين، قبل أن تهدأ الأمور بعد إعلان أعيان سوق الجمعة أمس تسليم حمزة إلى جهة محايدة، وبدء ترتيبات تنفيذية لوقف إطلاق النار، وحصر الأضرار لتعويض أصحابها، بناء على اتفاق مع حكومة الوحدة.
ولفتت الجريدة، نقلا عن مصادر محلية في طرابلس، إلى توتر العلاقات بين «الردع» و«اللواء 444» ووجود منافسة بينهما على النفوذ في بعض أجزاء طرابلس، وقالت إن الطرفين «دعما رئيس حكومة الوحدة الوطنية (الموقتة)، عبدالحميد الدبيبة، خلال الاشتباكات في ماي العام الماضي ضد قوات تابعة لـ(الرئيس السابق للحكومة المكلفة من مجلس النواب) فتحي باشاغا حاولت السيطرة على طرابلس».
الاشتباكات في طرابلس تعكس هشاشة مزاعم الاستقرار
من جانبه، قال الباحث في المجلس الأطلسي، ومقره الولايات المتحدة، عماد الدين بادي: «تلك كانت أسوأ جولات القتال التي تشهدها طرابلس منذ فترة طويلة… وبشكل عام، تلك الجولة تعكس هشاشة مزاعم الاستقرار التي تحاول حكومة الوحدة الوطنية إظهارها».
وأدى تأجيل الانتخابات إلى تاريخ غير محدد، وسط خلافات بشأن القوانين المنظمة ومعايير الترشح للانتخابات الرئاسية إلى تعميق الانقسامات القائمة بالفعل بين الفصائل السياسية في ليبيا، حسب «فاينانشال تايمز».
قلق دولي جراء الاشتباكات
الاشتباكات المتجددة في طرابلس أثارت القلق لدى القوى الدولية، إذ دعا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبدالله باتيلي، الأطراف كافة إلى تهدئة التوتر، واحترام مطالب الشعب الليبي في إرساء السلام والاستقرار، وأضاف: «الأحداث الأخيرة تذكرنا بالحاجة إلى اتفاق سياسي موسع يمهد الطريق أمام الانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة».
وحثت السفارة الفرنسية في ليبيا على الوقف الفوري للعنف والاشتباكات الجارية في طرابلس، معربة عن بالغ قلقها إزاء تأثيرها على السكان المدنيين، كما عبرت السفارة الأميركية عن «قلقها البالغ»، إزاء «أعمال العنف» في طرابلس، مطالبة بالتراجع «الفوري» عن التصعيد من أجل «الحفاظ على المكاسب الليبية الأخيرة نحو الاستقرار والانتخابات».
وتشهد اليوم مناطق الاشتباكات في طرابلس هدوءا نسبيا عقب ليلتين من الاشتباكات الدائرة منذ يوم الاثنين بين مجموعات مسلحة، أسفرت وفقا لمصادر طبية عن سقوط 27 قتيلا وإصابة أكثر من 106 آخرين.