لا يمول الاتحاد الأوروبي قوات الأمن التونسية. هذا ما أعلنت عنه آنا بيسونيرو، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للجوار والتوسيع والشراكات الدولية، خلال الإيجاز الصحفي اليومي في بروكسل، ردا على سؤال حول الاتهامات التي وردت في مقال نشرته صحيفة “الغارديان” منذ أيام، المسؤولة عن العنف ضد المهاجرين.
“فيما يتعلق بمقال الغارديان، هذا غير صحيح. يتم توجيه تمويل الاتحاد الأوروبي لبرامج الهجرة في تونس من خلال المنظمات الدولية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمنظمات غير الحكومية الموجودة في تونس.
أعتقد أنه، في ضوء الادعاءات الواردة في المقال، من المهم للغاية أن مزاعم ارتكاب قوات الأمن التونسية مخالفات يتم التحقيق فيها على النحو الواجب من قبل السلطات المعنية، كما حاولنا أن نوضح عدة مرات، تهدف جهودنا بالطبع إلى إقامة حوار أكثر تنظيما مع السلطات الشريكة ومساحة أكبر للمناقشات، وقالت بيسونيرو: “نهدف إلى إنشاء نظام شامل لإدارة الهجرة قائم على الحقوق”.
وأضاف أن “تونس دولة ذات سيادة. وعندما تكون هناك مزاعم عن ارتكاب مخالفات فيما يتعلق بقواتها الأمنية، فإننا بالطبع، باعتبارها شركاء لتونس، نتوقع منها التحقيق على النحو الواجب في هذه القضايا”.
وكشفت صحيفة “الغارديان” في تحقيق لها أن أعداد المهاجرين في إيطاليا تراجعت بسبب حالات الضرب والاغتصاب التي تمارس ضدهم على يد القوات الممولة من الاتحاد الأوروبي في تونس.
وقالت الصحيفة إن المهاجرة ماري (كل الأسماء في التقرير مستعارة) كانت تقترب من الساحل الشمالي لأفريقيا على بعد 3000 ميل من بيتها في ساحل العاج عندما أوقفها أربعة ضباط من الحرس الوطني التونسي على نقطة تفتيش وطلبوا أن يفتشوا حقيبتها، التي لم يكن فيها شيء سوى بعض الملابس.
وأضافت: “فجأة انقض عليها ضابط مسلح، وأمسك بها آخر من الخلف، ورفعها في الهواء. على الطريق، على مشارف مدينة صفاقس التونسية، تعرضت الفتاة البالغة من العمر 22 عاما للاعتداء الجنسي في وضح النهار”.
تقول ماري بصوت مرتجف: “كان من الواضح أنهم كانوا سيغتصبونني”. أنقذها صراخها، حيث نبهت مجموعة من اللاجئين السودانيين المارة. تراجع مهاجموها إلى سيارة الدورية.
ماري كانت محظوظة، ووفقا لياسمين، التي أنشأت منظمة رعاية صحية في صفاقس، تعرضت مئات النساء المهاجرات من جنوب الصحراء الكبرى للاغتصاب من قبل قوات الأمن التونسية على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية.
بعد الاعتداء، توجهت ماري إلى مخيم مؤقت في بساتين الزيتون بالقرب من العَمرة، وهي بلدة تقع شمال صفاقس. ويقول خبراء الهجرة إن عشرات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، الذين تحاصرهم الشرطة، يعيشون الآن هناك. وتوصف الظروف بأنها “مروعة”.
وبينت الصحيفة أن ما حدث لماري فيماي له أهمية تتجاوز قارتها: فمهاجموها ينتمون إلى قوة شرطة ممولة مباشرة من أوروبا.
وتشير روايتها والشهادات التي جمعتها “الغارديان” إلى أن الاتحاد الأوروبي يمول قوات الأمن التي ترتكب عنفا جنسيا واسع النطاق ضد النساء المستضعفات، وهي الاتهامات الأكثر فظاعة حتى الآن التي تلوث الاتفاق المثير للجدل بين بروكسل وتونس العام الماضي لمنع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا مقابل 89 مليون جنيه استرليني.
ويتعهد الاتفاق بمكافحة مهربي المهاجرين، ومع ذلك، يؤكد تحقيق الغارديان أن ضباط الحرس الوطني يتواطؤون مع المهربين لترتيب رحلات القوارب للمهاجرين.
ويتعهد الاتفاق أيضا “باحترام حقوق الإنسان”. ومع ذلك، يكشف المهربون والمهاجرون أن الحرس الوطني يسرق ويضرب ويترك النساء والأطفال بشكل روتيني في الصحراء دون طعام أو ماء.
وتعترف مصادر رفيعة المستوى في بروكسل بأن الاتحاد الأوروبي “على علم” بمزاعم الإساءة التي تحيط بقوات الأمن التونسية، لكنه يغض الطرف لحرصه، بقيادة إيطاليا، للتعاقد مع أفريقيا لحماية الحدود الجنوبية لأوروبا من المهاجرين.
وعلى الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن حقوق الإنسان، أثار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الفزع يوم الاثنين عندما أعرب عن اهتمامه خلال اجتماع في روما مع نظيرته اليمينية جورجيا ميلوني بنموذج دفع أموال لتونس لمنع الناس من الوصول إلى أوروبا.
ويقدر أحد مراقبي الهجرة في صفاقس أنه قد يكون هناك ما لا يقل عن 100.000، وهو رقم يشعر البعض أن الرئيس التونسي … قيس سعيد، يزرعه عمدا كتهديد لأوروبا: استمروا في دفع الأموال، وإلا.
موسى البالغ من العمر 28 عاما من كوناكري، غينيا، كان على متن أحد القوارب الأربعة، المتوجهة إلى إيطاليا، التي تم اعتراضها من الحرس البحري التونسي قبالة صفاقس خلال ليلة 6 فيفري 2024. تم نقل الركاب – حوالي 150 رجلا وامرأة وطفلا – إلى الشاطئ في صفاقس، مكبلين بالأصفاد وحُشروا في حافلات.” حسب تحقيق الغارديان .