رسم البنك الدولي صورة متشائمة حول التعافي الاقتصادي في تونس الذي وصفه بالبطئ والمحدود بسبب صعوبات الحصول على التمويل الأجنبي ووتيرة تنفيذ الإصلاحات.
ومع التباطؤ الاقتصادي، كان الاقتصاد التونسي في عام 2023 لا يزال أقل من مستواه قبل كوفيد-19، مما يمثل أحد أبطأ حالات التعافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأكد البنك الدولي، في نشرة الوضع الاقتصادي الصادرة بتاريخ 8 مايو 2024 تحت عنوان “الطاقة المتجددة للاقتصاد”، أن الزراعة كانت وراء تباطؤ النمو الاقتصادي عام 2023. وأشار المصدر نفسه إلى تحسن الميزان التجاري. وارتفع عجزها من 17.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 إلى 10.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023. ومن ناحية أخرى، يستمر عجز الطاقة في الاتساع.
وناقش البنك الدولي اعتماد تونس على المحروقات والأثر الاقتصادي لهذه الظاهرة. وشددت على أهمية التحول في مجال الطاقة من أجل تخفيف الضغوط التي يمارسها استمرار الطلب على موازنة الميزانية. وبحسب المصدر نفسه، فإن الإمكانات القوية التي تتمتع بها تونس في مجال الطاقات المتجددة ستسمح لها بالتوقف عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.
“باعتبارها مستوردا صافيا للطاقة، استفادت تونس من انخفاض أسعار الطاقة العالمية مع بداية عام 2023… وانخفض متوسط سعر المحروقات التي تستوردها تونس بنسبة 14.4% عام 2023 مقارنة بعام 2022. لكن الكميات المستوردة زادت بنسبة 4%.. وانخفضت قيمة واردات الطاقة بنسبة 10.8% فقط. في المقابل، انخفضت صادرات الطاقة بنسبة 16.6%… ونتيجة لذلك، زاد تدهور الميزان التجاري للطاقة ليمثل 56.6% من العجز التجاري لعام 2023…
كما أن الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد يؤثر بشكل كبير على رصيد الميزانية نظرا لارتفاع معدل دعم منتجات الطاقة عندما تكون أسعار النفط والغاز العالمية مرتفعة… ويغطي متوسط تعرفة الكهرباء حوالي 62 في المائة من التكاليف، في حين يغطي الغاز الطبيعي 46 في المائة فقط. .. وتستمر هذه الفجوة في توليد خسائر كبيرة لشركة الكهرباء والغاز .
الفرض المهدورة
في الواقع، لا يتعين على قطاع الطاقة في تونس الاعتماد على الوقود الأحفوري، حيث تتمتع البلاد بإمكانيات غنية غير مستغلة في مجال الطاقة المتجددة. وبفضل الإشعاع الشمسي العالي وموارد طاقة الرياح، تمتلك تونس إمكانات تصل إلى 280 جيجاوات من الطاقة الشمسية و90 جيجاوات من طاقة الرياح، وهو ما يتجاوز بكثير ذروة الطلب الحالي على الكهرباء البالغ 5 جيجاوات.
وأوضح البنك الدولي أن الإنفاق على تعويضات الطاقة يمثل 22% من إنفاق الموازنة للفترة 2022-2023. وقالت إن الطاقة المتجددة تمثل موردا محليا وفيرا وأقل تكلفة يمكن أن يقلل الإنفاق الحكومي وتكلفة إنتاج الكهرباء. كما أشار البنك الدولي إلى أن الموارد المالية المحدودة لتونس وصعوبة الحصول على التمويل الأجنبي أثرت على قدرتها على استيراد الطاقة، وبالتالي أعاقت التنمية الاقتصادية للبلاد.
وذكر المصدر نفسه بأن تونس حددت لنفسها هدف الوصول إلى 50 في المائة من الكهرباء من الطاقات المتجددة (6 غيغاواط) بحلول عام 2035 و 80 في المائة بحلول عام 2050. وأكدت أن هذا هدف قابل للتحقيق. لكن المؤسسة المالية لاحظت تأخيرات في البرنامج نتيجة لارتفاع الأسعار وتكاليف التمويل. ويتطلب البرنامج الشامل ملياري دولار من الاستثمارات الخاصة. وسيوفر ما يقرب من مليون طن من النفط المعادل للغاز المستورد.