خلال لقائه يوم أمس برئيس الحكومة أحمد الحشاني شدد رئيس الجمهورية قيس سعيد “على ضرورة إعداد مشروع أمر يتعلق بتطهير الإدارة من الذين تسللوا إليها بغير وجه حق منذ أكثر من عقد من الزمن وتحولوا إلى عقبات تعيق سير عمل الدولة ”
وخلال أول اجتماع له بالحشاني بعد توليته رئاسة الوزراء أكد سعيد ” ضرورة المضي قدما في تطهير الإدارة ممن تسللوا إليها وتحولوا إلى عقبة أمام إنجاز أي مشروع اقتصادي أو اجتماعي أو غيره في حين أن عديد المشاريع جاهزة والأموال المرصودة لها متوفرة ولا تنقص سوى الإرادة الصادقة لتحقيقها.
وأشار رئيس الجمهورية، في هذا الإطار، إلى أن الإدارة تعج بكفاءات عالية ولكن تم استبعاد الكثيرين من الذين رفضوا أن يكونوا إلا في خدمة الوطن والدولة.”
يبدو واضحا وجليا أن رئيس الجمهورية مصر على ضرورة السير الى النهاية في قضية ما يسميه ” تطهير الادارة ”
ولكن ماذا يعني ذلك
لقد لمسنا ان التمشي يبدو واضحا وهو الاعتماد على تقييم أداء جميع المسؤولين في مختلف الوزارات والمؤسسات العمومية ولا ندري وفق اي منهجية واطار .
ولكن دعونا نتعرف أولا عن معنى التطهير الاداري وما ذا فعلت الدول التي سلكت قبلنا هذا الطريق .
فالتطهير لغويا هو بشكل عام عملية جعل شيئًا ما واضحًا أو نقيًا، وعادةً ما يكون عن طريق عرض استباقي. تم أخذ المصطلح من الرومانية lustratio طقوس التطهير.
يعرف أهل القانون عبارة التطهير الاداري بأنها ” اقصاء بعض عمال الادارة العامة عن وظائفهم دون اتباع الاجراءات التأديبية ”
ففي سنة 2010 عاش المغرب على وقع إعفاءات كثيرة في صفوف منتخبين و أمنيين و عدد من المسؤولين المحليين تحت يافطة التطهير الاداري . وحسب الباحث المغربي عبد السلام أديب ” إن ماحدث من لمسات سلطوية لتغيير بعض المسؤولين، لن يتجاوز ما حدث سنة 1995 – 1996 في إطار ما سمي بالتطهير آنذاك والذي كان عملية انتقامية فيما بين أصحاب النفوذ ومراكمي الثروات أو ما حدث سنة 1972 من محاكمة لبعض الوزراء، حيث أن تلك العمليات المحدودة في الزمن والمكان لم تزحزح قيد أنملة من الوضع المتفسخ القائم والذي يشكل مساسا خطيرا بحقوق وحريات المواطن وكرامته.“
بعد سقوط مختلف الحكومات الشيوعية الأوروبية في 1989-1991، جاء المصطلح للإشارة إلى السياسات التي أقرتها الحكومة وهي «الإقصاء الجماعي للأشخاص المرتبطين بالانتهاكات في ظل النظام السابق».استبعدت الإجراءات مشاركة الشيوعيين السابقين، ولا سيما مخبرو الشرطة السرية الشيوعية، أو في المناصب السياسية اللاحقة، أو حتى في وظائف الخدمة المدنية. وشكل هذا الاستبعاد جزءًا من حملات أوسع لإنهاء الخدمة. ومع ذلك، في بعض البلدان، لم تؤد قوانين الإغواء إلى الإقصاء والتنحية. استند قانون التطهير في هنغاريا (1994-2003) إلى تعرض مسؤولي الدولة للخطر، في حين اعتمد قانون التطهير في بولندا (1999-2005) على الاعتراف.
وخلال ثلاثينات القرن الماضي شهد الاتحاد السوفياتي مرحلة التطهير العظيم سلسلة من حملات القمع والاضطهاد السياسي في البلاد دبرها ونفذها جوزيف ستالين في 1936-1938.شملت عملية تطهير واسعة النطاق لمسؤولي الحزب الشيوعي والحكومة، وقمع الفلاحين، وقيادة الجيش الأحمر، واضطهاد الأشخاص غير منتسبين، اتسمت بمراقبة بوليسية واسعة النطاق، وشك على نطاق واسع بتهمة «التخريب»، الاعتقالات والإعدامات. في كتابة التاريخ الروسي في تسمى الفترة من تطهير معظم مكثفة، 1937-1938، ويسمى yezhovshchina (بالروسية: ежовщина ؛ حرفياً نظام إيزهوف)، وبعد نيكولاي يجوف رئيس الشرطة السرية السوفياتية (NKVD
وعلى النقيض للوضع في الدول الشيوعية سابقا عرف الأمريكان عملية تطهير من نوع اخر أطلقوا عليها اسم الماكراثية وهو سلوك يقوم بتوجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة دون الاهتمام بالأدلة. ينسب هذا الاتجاه إلى عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي اسمه جوزيف مكارثي. كان رئيساً لإحدى اللجان الفرعية بالمجلس واتهم عدداً من موظفي الحكومة وبخاصة وزارة الخارجية، وقاد إلى حبس بعضهم بتهمة أنهم شيوعيون يعملون لمصلحة الاتحاد السوفيتي. وقد تبين فيما بعد أن معظم اتهاماته كانت على غير أساس. وأصدر المجلس في عام 1954 قراراً بتوجيه اللوم عليه. ويستخدم هذا المصطلح للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجه ضد المثقفين.
بدأت المكارثية بقائمة فيها 205 أسماء قيل إنهم شيوعيون وجواسيس في الخارجية الأميركية ثم امتدت المكارثية لجميع قطاعات المجتمع الأمريكي، وراح ضحيتها أكثر من مائتي شخص تم الزج بهم في السجون، فضلا عما يزيد على 10 آلاف تم طردهم من وظائفهم والتنكيل بهم وفق تهم ملفقة ومن هؤلاء مارتن لوثر كينغ وألبرت أينشتاين وآرثر ميللر وتشارلى تشابلن