خلف الفيديو الذي انتشر بين عموم التونسيين تظهر فيه موظفة تونسية وهي تطلق عبارة بذيئة ” جدلا واسعا انتشار مثل هذا الاكلام وغيره في الفضاء العام
ولئن كان هذا الأمر حقا دخيلا على المجتمع التونسي .
لقد تناول العديد من علماء الاجتماع على فترات متعاقبة هذا الموضوع اضافة الى وجود قوانين رادعة لمستخدمي هذه العبارات .
يقول عالم الإجتماع التونسي رحمة الله عليه منصف وناس في كتابه “الشخصية التونسية” أن الكلام البذيئ من مخلفات الحقبة الرومانية في تونس و يثبت كلمه بلغة العلم و الأرجح أن حسب بعض الدرسات أن الشعب الروماني أول شعب إستعمل عبارات بذيئة و ثاني شعب هو الشعب التونسي
و إرتبط الكلام الزايد بالعبارات الجنسية و بالأعضاء التناسلية فمن إحدى الكلامات إشتقت كلامات أخرى على وزنها منها للتعبير عن الدهشة و الأعجاب و منها للتعبير عن الجمال و كلمات أخرى تعوض تعابير السوء و منها للتحقير و أبدعنا كلمات تعبر عن القلق لكنها إن حرفت قليلا أصبحت تعبر عن الثراء
إن هذه الأوصاف و الأقوال لم تخلق من محض الصدفة بل إنها كانت نتيجة لوضع عام شهدته البلاد خاصة في القرن 17 و 18 فالحروب الأهلية أدت لإنتشار الجوع و الفقر زد عليهم الأوبئة التي ضربت تونس مرار و تكرار ، خلقت لتونسيين مزاج عام سيئ فهم من مصيبة لأخرى
الكلام الزايد و إلي يملك عديد التسميات متجذر عند التونسيين و لم يكن حكر على عامة الشعب بل أنه كان يمارس من قبل التجار و النساء و الحكام بل حتى الشيوخ و الأولياء الصالحين.
من جهته يقول المؤرخ التونسي الهادي التيمومي في كتابه “كيف صار التونسيون تونسيين” أن السلطات فرنسية كانت قبيل الحرب العالمية الأولى تتبه مواطنيها المتوجهين نحو تونس للإستطان بها و جنودها إلى الإحتراز من ظاهرة تفشي الكلمات الجنسية في الشارع التونسي في كتيبات تصدرها من حين لأخر.
محمود بيرم التونسي تعرض لعلاقة التونسي بالكلام البذئ في مقال له نشره سنة 1934 وسماه “مدينة البذاءة” متحدثا عن كثرة البذاءة في مدينة تونس، والذي جاء فيه ما يلي: “…تسمع في كلّ مكان حناجر تنطلق بذكر أعضاء التناسل، وتقليبها على كلّ وجود الاستعارات والمجازات، ولا يقتصر ذكرها على ساعات الخصام ولكن نسمعها في البيع والشراء والجدل والمزح…وتكاد تكون تونس الوحيدة في العالم التي لا يراعي أوباشها آداب السّير والحديث،…فقد انغمست كلّ ألسنة سكـّانها في البذاءة وأصبحت كأنها من علامات الرجولة والفتوّة”. »
أما التصنيفات التي أطلقت على كل من يقوم بترديد الكلام البذيئ ظهرت في وثائق الضبطية بين 1860 و 1881 منها ماهو ديني مثل كلمة “زنديق” و “فاسق” و منها على أساس قيم المجتمع الحياء و التربية أين نجد نعت مثل “قليل الحياء ” و”قليل التربية” و “الهامل” و “قطعي” المتأتية من قطاع الطرق وبعض التوصيفات أخذت بعد تحقيري من خلال التشبيه ببعض الحيوانات “يا كلب” “يا إبن الكلب” و تتقابل ثلاثية ما يعرف بالقيم عند التونسيين وهي -الحرام-العيب-الممنوع- بتقسيم مجتمعي و هو -رجال الدين – السكان- رجال الضبطية- أين السكان هم الحلقة هم أضعف حلقة
في 8 أكتوبر 1946 أرسلت جمعية الشبان المسلمين إلى الوزير الأكبر صلاح الدين البكوش للتشكي من “كثرة التجاهر بالعبارات البذيئة و أهمها شتم الدين ” و أستعملت العبارات البذيئة في إنتقاد الإستعمار أين كتب عبد الرحمان الكافي سنة 1932 ملزومة “الصبر لله و الرجوع لربي”.
ويعاقب التونسي بالسجن مدة ستة أشهر وبخطية قدرها ألف دينار كل من يعتدي علنا على الأخلاق الحميدة أو الآداب العامة بالإشارة أو القول أو يعمد علنا إلى مضايقة الغير بوجه يخلّ بالحياء.